الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٣١
قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين. إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى
____________________
يضمن لك العصمة من أعدائك فما عذرك في مراقبتهم. فإن قلت: أين ضمان العصمة وقد شج في وجهه يوم أحد وكسرت رباعيته صلوات الله عليه؟ قلت: المراد أن يعصمه من القتل وفيه أن عليه أن يحتمل كل ما دون النفس في ذات الله، فما أشد تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقيل نزلت بعد يوم أحد والناس الكفار بدليل قوله (إن الله لا يهدي القوم الكافرين) ومعناه: أنه لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك، وعن أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت، فأخرج رأسه من قبة أدم وقال: انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس) (لستم على شئ) أي على دين يعتد به حتى يسمى شيئا لفساده وبطلانه كما تقول هذا ليس بشئ تريد تحقيره وتصغير شأنه، وفي أمثالهم: أقل من لا شئ (فلا تأس) فلا تتأسف عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم، فإن ضرر ذلك راجع إليهم لا إليك، وفي المؤمنين غنى عنهم (والصابئون) رفع على الابتداء وخبره محذوف، والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها كأنه قيل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا والصابئون كذلك، وأنشد سيبويه شاهدا له:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم * بغاة ما بقينا في شقاق
(٦٣١)
مفاتيح البحث: أهل الكتاب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 636 ... » »»