الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٦٠
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة، ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم، إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة،
____________________
بإحدى الطائفتين ركعة إن كانت الصلاة ركعتين والاخرى بإزاء العدو، ثم تقف هذه الطائفة بإزاء العدو وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة ويتم صلاته، ثم تقف بإزاء العدو وتأتي الأولى فتؤدي الركعة بغير قراءة وتتم صلاتها، ثم تحرس وتأتي الأخرى فتؤدي الركعة بقراءة وتتم صلاتها. والسجود على ظاهره عند أبي حنيفة، وعند مالك بمعنى الصلاة لان الامام يصلي عنده بطائفة ركعة ويقف قائما حتى تتم صلاتها وتسلم وتذهب، ثم يصلي بالثانية ركعة ويقف قاعدا حتى تتم صلاتها ويسلم بهم، ويعضده (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) وقرئ وأمتعاتكم. فإن قلت: كيف جمع بين الأسلحة وبين الحذر في الاخذ؟ قلت: جعل الحذر وهو التحرز والتيقظ آلة يستعملها الغازي، فلذلك جمع بينه وبين الأسلحة في الاخذ وجعلا مأخوذين، ونحوه قوله تعالى - والذين تبوءوا الدار والايمان - جعل الايمان مستقرا لهم ومتبوأ لتمكنهم فيه، فلذلك جمع بينه وبين الدار في التبوء (فيميلون عليكم) فيشدون عليكم شدة واحدة، ورخص لهم في وضع الأسلحة إن ثقل عليهم حملها بسبب ما يبلهم من مطر أو يضعفهم من مرض، وأمرهم مع ذلك بأخذ الحذر لئلا يغفلوا فيهجم عليهم العدو. فإن قلت: كيف طابق الامر بالحذر قوله (إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا)؟ قلت: الامر بالحذر من العدو يوهم توقع غلبته واعتزازه فنفى عنهم ذلك الايهام بإخبارهم أن الله يهين عدوهم ويخذله وينصرهم عليه لتقوى قلوبهم، وليعلموا أن الامر بالحذر ليس لذلك وإنما هو تعبد من الله كما قال - ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - (فإذا قضيتم الصلاة) فإذا صليتم في حال الخوف والقتال (فاذكروا الله) فصلوها (قياما) مسايفين ومقارعين (وقعودا) جاثين على الركب مرامين (وعلى جنوبكم) مثخنين بالجراح (فإذا اطمأننتم) حين تضع الحرب أوزارها وأمنتم (فأقيموا الصلاة) فاقضوا
(٥٦٠)
مفاتيح البحث: الصّلاة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»