____________________
(إن كنتم تعلمون) أنه خير لكم فتعملوا به، جعل من لا يعمل به وإن علمه كأنه لا يعلمه. وقرئ تصدقوا بتخفيف الصاد على حذف التاء (ترجعون) قرئ على البناء للفاعل والمفعول. وقرئ يرجعون بالياء على طريقة الالتفات، وقرأ عبد الله تردون. وقرأ أبى تصيرون. وعن ابن عباس أنها آخر أية نزل بها جبريل عليه السلام وقلا: ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة، وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحدا وعشرين يوما، وقيل أحدا وثمانين، وقيل: سبعة أيام، وقيل ثلاث ساعات (إذا تداينتم) داين بعضكم بعضا، يقال داينت الرجل إذا عاملته (بدين) معطيا أو آخذا كما تقول بايعته إذا بعته أو باعك، قال رؤبة:
داينت أروى والديون تقضى * فمطلت بعضا وأدت بعضا والمعنى: إذا تعاملتم بدين مؤجل فاكتبوه. فإن قلت: هلا قيل إذا تداينتم إلى أجل مسمى؟ وأي حاجة إلى ذكر الذين كما قال داينت أروى ولم يقل بدين؟ قلت: ذكر ليرجع الضمير إليه في قوله (فاكتبوه) إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال فاكتبوا الدين، فلم يكن النظم بذلك الحسن، ولأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل وحال. فإن قلت: ما فائدة قوله مسمى؟ قلت: ليعلم أن من حق الاجل أن يكون معلوما كالتوقيت بالسنة والشهر والأيام، ولو قال إلى الحصاد أو الدياس أو رجوع الحاج لم يجز لعدم التسمية، وإنما أمر بكتبة الدين لان ذلك أوثق وآمن من النسيان وأبعد من الجحود، والامر للندب. وعن ابن عباس أن المراد به السلم وقال: لما حرم الله الربا أباح السلف وعنه أشهد أن الله أباح السلم المضمون إلى أجل معلوم في كتابه وأنزل فيه أطول آية (بالعدل) متعلق بكاتب صفة له: أي كاتب مأمون، على ما يكتب يكتب بالسوية والاحتياط لا يزيد على ما يجب أن يكتب ولا ينقص، وفيه أن يكون الكاتب فقيها عالما بالشروط حتى يجئ مكتوبه معدلا بالشرع وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب وأن لا يستكتبوا إلا فقيها دينا (ولا يأب كاتب) ولا يمتنع أحد من الكتاب وهو معنى تنكير كاتب (أن يكتب كما علمه الله) مثل ما علمه الله كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير. وقيل هو كقوله تعالى - وأحسن كما أحسن الله إليك - أي ينفع الناس بكتابته كما نفعه الله بتعليمها. وعن الشعبي هي فرض كفاية، وكما علمه الله يجوز أن يتعلق بأن يكتب وبقوله فليكتب. فإن قلت: أي فرق بين الوجهين؟ قلت: إن علقته بأن يكتب فقد نهى عن الامتناع من الكتابة المقيدة، ثم قيل له فليكتب، يعنى فليكتب تلك الكتابة لا يعدل عنها للتوكيد، وإن علقته بقوله فليكتب فقد
داينت أروى والديون تقضى * فمطلت بعضا وأدت بعضا والمعنى: إذا تعاملتم بدين مؤجل فاكتبوه. فإن قلت: هلا قيل إذا تداينتم إلى أجل مسمى؟ وأي حاجة إلى ذكر الذين كما قال داينت أروى ولم يقل بدين؟ قلت: ذكر ليرجع الضمير إليه في قوله (فاكتبوه) إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال فاكتبوا الدين، فلم يكن النظم بذلك الحسن، ولأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل وحال. فإن قلت: ما فائدة قوله مسمى؟ قلت: ليعلم أن من حق الاجل أن يكون معلوما كالتوقيت بالسنة والشهر والأيام، ولو قال إلى الحصاد أو الدياس أو رجوع الحاج لم يجز لعدم التسمية، وإنما أمر بكتبة الدين لان ذلك أوثق وآمن من النسيان وأبعد من الجحود، والامر للندب. وعن ابن عباس أن المراد به السلم وقال: لما حرم الله الربا أباح السلف وعنه أشهد أن الله أباح السلم المضمون إلى أجل معلوم في كتابه وأنزل فيه أطول آية (بالعدل) متعلق بكاتب صفة له: أي كاتب مأمون، على ما يكتب يكتب بالسوية والاحتياط لا يزيد على ما يجب أن يكتب ولا ينقص، وفيه أن يكون الكاتب فقيها عالما بالشروط حتى يجئ مكتوبه معدلا بالشرع وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب وأن لا يستكتبوا إلا فقيها دينا (ولا يأب كاتب) ولا يمتنع أحد من الكتاب وهو معنى تنكير كاتب (أن يكتب كما علمه الله) مثل ما علمه الله كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير. وقيل هو كقوله تعالى - وأحسن كما أحسن الله إليك - أي ينفع الناس بكتابته كما نفعه الله بتعليمها. وعن الشعبي هي فرض كفاية، وكما علمه الله يجوز أن يتعلق بأن يكتب وبقوله فليكتب. فإن قلت: أي فرق بين الوجهين؟ قلت: إن علقته بأن يكتب فقد نهى عن الامتناع من الكتابة المقيدة، ثم قيل له فليكتب، يعنى فليكتب تلك الكتابة لا يعدل عنها للتوكيد، وإن علقته بقوله فليكتب فقد