____________________
فتقول: أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: أن يكمل الرضاعة. وقرئ الرضاعة بكسر الراء والرضعة، وأن تتم الرضاعة وأن يتم الرضاعة برفع الفعل تشبيها لأن بما لتآخيهما في التأويل. فإن قلت: كيف اتصل قوله لمن أراد بما قبله؟ قلت: هو بيان لمن توجه إليه الحكم كقوله تعالى - هيت لك - لك بيان للمهيت به: أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاعة. وعن قتادة حولين كاملين ثم أنزل الله اليسر والتخفيف فقال (لمن أراد أن يتم الرضاعة) أراد أنه يجوز النقصان. وعن الحسن ليس ذلك بوقت لا ينقص منه بعد أن لا يكون في الفطام ضرر، وقيل اللام متعلقة بيرضعن كما تقول: أرضعت فلانة لفلان ولده: أي يرضعن حولين لمن أراد أن يتم الرضاعة من الآباء، لان الأب يجب عليه إرضاع الولد دون الام، وعليه أن يتخذ له ظئرا إلا إذا تطوعت الام بارضاعه وهى وهى مندوبة إلى ذلك ولا تجبر عليه. ولا يجوز استئجار الام عند أبي حنيفة رحمه الله ما دامت زوجة أو معتدة من نكاح. وعند الشافعي يجوز فإذا انقضت عدتها جاز بالاتفاق. فان قلت: فما بال الوالدات مأمورات بأن يرضعن أولادهن؟ قلت: إما أن يكون أمرا على وجه الندب، وإما على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبى إلا ثدي أمه، أو لم توجد له ظئر، أو كان الأب عاجزا عن الاستئجار. وقيل أراد الوالدات المطلقات وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع (وعلى المولود له) وعلى الذي يولد له وهو الوالد وله في محل الرفع على الفاعلية نحو (عليهم) في - المغضوب عليهم - فان قلت: لم قيل المولود له دون الوالد؟ قلت: ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم لان الأولاد للآباء ولذلك ينسبون إليهم لا إلى الأمهات، وأنشد للمأمون بن الرشيد فإنما أمهات الناس أوعية مستودعات وللآباء أبناء فكان عليهم أن يرزقوهن ويكسوهن إذا أرضعن ولدهم كالاظآر، ألا ترى أنه ذكره باسم الوالد حيث لم يكن هذا المعنى وهو قوله تعالى - واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا - (بالمعروف) تفسيره ما يعقبه، وهو أن لا يكلف واحد منهما ما ليس في وسعه ولا يتضارا. وقرئ لا تكلف بفتح التاء ولا نكلف بالنون. وقرئ لا تضار بالرفع على الاخبار، وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول، وأن يكون الأصل تضارر بكسر الراء وتضارر بفتحها. وقرأ لا تضار بالفتح أكثر القراء. وقرأ الحسن بالكسر على النهى وهو محتمل للبناءين أيضا ويبين ذلك أنه قرئ لا تضارر. ولا تضارر بالجزم وفتح الراء الأولى وكسرها، وقرأ أبو جعفر لا تضار بالسكون مع التشديد على نية الوقف. وعن الأعرج لا تضار بالسكون والتخفيف وهو من ضاره يضيره ونوى الوقف كما نواه أبو جعفر أو اختلس الضمة فظنه الراوي سكونا. وعن كاتب عمر بن الخطاب لا تضرر، والمعنى: لا تضار والدة زوجها بسبب ولدها، وهو أن تعنف به وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد، وأن تقول بعد ما ألفها الصبى اطلب له ظئرا وما أشبه ذلك، ولا يضار مولود له امرأته بسبب ولده، بأن يمنعها شيئا مما وجب عليه من رزقها وكسوتها، ولا يأخذه منها وهى تريد إرضاعه، ولا يكرهها على الارضاع، وكذلك إذا كان مبنيا للمفعول فهو نهى عن أن يلحق بها الضرار من قبل الروج، وعن أن يلحق الضرار بالزوج من قبلها بسبب الولد. ويجوز أن يكون تضار بمعنى تضر، وأن تكون الباء من صلته: