- أياما تدعوا - وأية سلكوا، ولا مجال للتنوين هنا لسبب البناء، ولأنه يقع عوضا عن مضاف إليه معين كقوله تعالى - ورفعنا بعضهم فوق بعض - والقصد ههنا إلى الإبهام، فجعل كلمة التنبيه المناسب للنداء عوضا عن المضاف إليه (قوله ما لم يكثر في غيره) منصوب على المصدر وما موصولة أو موصوفة وعبارة عن الكثرة، فإن جعل المستتر في يكثر راجعا إلى النداء كان العائد محذوفا: أي كثرة لم يكثرها أو الكثرة التي لم يكثرها في غيره، وإن جعل راجعا إلى ما فالإسناد إلى ذلك المستتر يكون مجازا. وقد يقال هو مجرور على الإبدال من تلك الطريقة كأنه قيل على الطريقة التي لم تكثر تلك الطريقة في غير كتاب الله تعالى، وفيه أن قوله على هذه الطريقة متعلق بالنداء كما هو الظاهر، وقوله ما لم يكثر متعلق بكثر قطعا فلا يصح حينئذ الإبدال (قوله لاستقاله بأوجه من التوكيد) هي تكرار الذكر والإيضاح بعد الإبهام واختيار لفظ البعيد وتأكيد معناه بحرف التنبيه، وقوله (لأن كل ما نادى الله تعالى له) تعليل للكثرة المعللة بالاستقلال: أي كثر ذلك النداء تلك الكثرة المعللة بالاستقلال المذكور لاقتضاء المقام إياه، وقوله (أمور عظام) خبر أن (قوله أن ينادوا بالاكد الأبلغ) وذلك ليستيقظوا عن رقدة غفلتهم ويتنبهوا لما نودوا لأجله، وهذا المعنى راجع إلى ما ذكره بقوله ثم استعمل في مناداة من سها وغفل (قوله لا يخلو) أراد أنه لا يصح توجه الخطاب إلى جميع الفرق كما ذكرته ولا إلى كفار مكة كما رويته عن علقمة، وذلك لأن العبادة أعمال الجوارح لتبادرها عنها عند الإطلاق، فلا يؤمر بها المؤمنون لأنهم عابدون فيلزم أن يكون طلبا لتحصيل الحاصل، ولا الكافرون لأنه يمتنع منهم العبادة لانتفاء شرطها وهو معرفة الله تعالى والإقرار به، فيلزم التكليف بالمحال (قوله فلو أنى فعلت الخ) هو لأبى تمام وقبله:
نعمة الله فيك لا أسأل الله * إليها نعمى سوى أن تدوما يعنى أن نعمة الله فيك شاملة لجميع أنواع النعم، فلا أسأل الله إلا دوامها احترازا عن طلب الحاصل. وقد يتوهم أنه لا بد في قوله كنت كمن تسأله من تقدير مضاف: أي كسائل من تسأله وإلا لكان تشبيها للسائل بالمسؤول،