الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ٢٣٧
عاديته وأصله الهمزة وقد تترك (قوله أتيما تجعلون) الجعل ههنا بمعنى التصيير القولي والاعتقادى من قبيل - وجعلوا الملائكة - ومعنى (إلى) منسوبا إلى كهو حال من تيما، وقيل من (ندا) وفيه أن ندا في حكم خبر المبتدأ فلا يكون ذا حال. والنديد المثل: أي لا يصلحون مثلا لذي حسب فكيف بمثلى المشهور بالأحساب (قوله وما كانوا يزعمون أنها تخالف الله وتناويه) بل كانوا يجعلونها شفعاء عنده فلا تصلح تسميتها أندادا له (قوله أشبهت حالهم) وذلك لأن ما صدر عنهم من التقرب والتعظيم والتسمية المذكورة إنما تليق بمن يعتقد فيها أنها آلهة مثله قادرة على مخالفته ومضادته، وفى ذكر مشابهة حالهم بحال المعتقدين إشارة إلى أن هناك استعارة تمثيلية وليست تهكمية اصطلاحية إذ ليس فيها استعارة أحد الضدين للاخر بل أحد المتشابهين لصاحبه، لكن المقصود منها التهكم بهم بتنزيلهم منزلة من أشبهت حالهم حاله، وقوله (بأن جعلوا أندادا؟) متعلقا بشنع: أي شنع عليهم، واستفظع شأنهم بذكر أنهم جعلوا (وقط) مستعمل ههنا للمستقبل بل للزمان المستمر مجازا لأنه لنفى الماضي وضعا (قوله وفى ذلك قال) أي في المعنى المذكور الذي هو التشنيع واستفظاع الشأن، ولم يرد (بألف رب) خصوص العدد بل الكثرة تنبيها على أنه إذا ترك التوحيد الثابت بالقاطع فلا فرق بين اثنين ونهاية العدد (قوله أدين) أطيع من دان له:
أي انقاد له وأطاعه ودين الملك وملك مدين (قوله إذا تقسمت الأمور) أي إذا جعل أمور الديانة أقساما وأخذ كل قسمه (قوله وحالكم وصفتكم) يشير إلى أن هذه الجملة وقعت حالا من الفاعل (ولا يصطلى بنارهم) كناية عن رفعة شأنهم: أي لا تنال نارهم ليصطلى بها كما أن لا يشق غباره كناية عن السبق، وقيل معناه: لا يطاق اصطلاؤها لغاية قوتها وشدتها، وأصله في الشجاع لاقرن له ثم عم في كل أوحدى في شأنه (قوله ومفعول تعلمون متروك) أي هذا الفعل منزل منزلة اللازم وقد قصد به إثبات حقيقته للفاعل في مقام المبالغة ولهذا قال
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»