الكرم يقتضى إظهار ذلك وأما السلوك طريقة الملوك والعظماء في إظهار الكبرياء وقلة الاعتداد بالأشياء وإما للتنبيه على أن من حق العباد أن لا يتكلوا على حسن العبادة والاجتهاد بل يكونوا على حذر بين الخوف والرجاء وهذا محصول ما تلخص من كلامه ثم نقول إن قوله لأنه إطماع تعليل لقوله قال من قال وذلك أن ابن الأنباري وجماعة من الأدباء ذهبوا إلى أن لعل قد تجئ بمعنى كي حتى حملوها على التعليل في كل موضع امتنع فيه الترجي سواء كان من قبيل الإطماع نحو - لعلكم تفلحون - أو لا نحو - لعلكم تشكرون - و - لعلكم تتقون - فأشار المصنف إلى توجيه ما قالوه بأنهم لم يريدوا به أنها بمعنى كي حقيقة لأن أئمة اللغة لم يذكروا في بيان معناها الحقيقي سوى ما ألقاه إليك من الترجي والإشفاق ولو وردت بمعنى كي لجاز أن يقع بدلها في ذلك قولك دخلت على المريض كي أعوده ولا يقول به أحد، بل أرادوا أن ما بعدها إذا صدرت على سبيل الإطماع من الكريم متحقق عقيب ما قبلها كتحقق الغاية عقيب ما هي سبب له فكأنها بمعنى كي ولا يخفى أن هذا التوجيه إنما يجرى في لعل الإطماعية دون غيرها وقيل مقصوده أن يرد عليهم بما قررناه ويشير إلى منشأ توهمهم وهو أن ما بعدها متحقق الوقوع كما مر وصالح لأن يعلل به ما قبلها وفيه أيضا أن هذا التوهم عام ومنشؤه خاص وقوله وأيضا فمن ديدن عطف بحسب المعنى على قوله لأنه إطماع فإنه وإن ذكر تعليلا لقول ذلك القائل إلا أنه يتضمن بيان نكتة للتعبير عن التحقيق بحرف الإطماع فكأنه قيل وقد جاءت على سبيل الإطماع في مواضع من القرآن لأن إطماعه كوعده المحتوم وفاؤه به وللجرى على ديدن الملوك وقوله أو تجئ؟؟ عطف على قد جاءت وبيان لنكتة أخرى هي علة ثالثة لذلك التعبير إلا أنه كرر المعلل لتعدد ذكره وعدل إلى صيغة المضارع لعلة هذه النكتة في الموارد بالقياس إلى أختيها وقد يتوهم من عبارته أن لعل قد جاءت للإطماع مع التحقيق وقد تجئ للإطماع بدون التحقيق وفساده ظاهر (قوله ما معناها) أي من المعاني التي ذكرتها وما موقعها يعنى أحقيقة هي أم مجاز؟ فأجاب بأنها ليست مستعملة في شئ من تلك المعاني إذ لا يتصور ههنا الرجاء من المتكلم لاستلزام عدم العلم بعواقب الأمور ولا من المخاطبين لأنهم لا شعور لهم حال خلقهم بالتقوى حتى يرجوها ولا مجال للإشفاق قطعا ولا
(٢٣٠)