اشتراكا معنويا إذ كانوا يستعملون الرب في الله تعالى وفى ألهتهم بمعنى المالك والسيد وقيل اشتراكا لفظيا وأياما كان فالصفة موضحة تميز ما قصد به بالموصوف عما يشاركه في الاسم على أحد الوجهين (قوله فالمراد به ربكم على الحقيقة) أي الله تعالى فإنه الذي اعتقد جميع الفرق ربوبيته واعترفوا بها والصفة حينئذ ملاحة لعدم الاشتباه في الرب المضاف إلى الكل وقوله على الحقيقة إشارة إلى أن ربوبيته تعالى ثابتة في الواقع بخلاف الأصنام فإنها أرباب بحسب اعتقادهم، لا إلى أن لفظ الرب مجاز فيها (قوله ولا يمتنع هذا الوجه) وذلك لأن المشركين كانوا يعتقدون أنه تعالى رب الأرباب وأن آلهتهم شفعاء عنده فلا يبعد في خطابهم أن يراد بالرب الذي أضيف إليهم ما جعلوه أصلا في الربوبية (قوله إلا أن الوجه الأول أوضح) أي بالنظر إلى حالهم فإن استعمال الرب في غير الله سبحانه كان شائعا فيما بينهم موجبا للاحتمال ولذلك عقبت السحرة قولهم - آمنا برب العالمين رب موسى وهارون - دفعا له (قوله وأصح) أي بالنظر إلى أن الأصل في الصفة هو التوضيح والتخصيص فلا يعدل عنه ما أمكن (قوله قراءة مشكلة) لأن الموصول الثاني مع صلته مفرد فلا يصلح أن يكون صلة للأول وقوله على إشكالها تنبيه على أن ما ذكره لا يحسم مادة الإشكال لأن التأكيد إن حمل على المصطلح فإن كان لفظيا وجب أن يكون بإعادة اللفظ الأول كما في المثالين وإن كان معنويا كان بألفاظ مخصوصة مع أن النحاة قد نصوا على امتناع تأكيد الموصول قبل تمامه بصلته وإن حمل على غير المصطلح احتيج إلى بيان وجه اجتماع الموصولين وغاية ما يتمحل فيه أنه تأكيد لفظي إلا أنه عدل عن اللفظ الأول إلى ما هو بمعناه احتراز عن بشاعة التكرار كما هو مذهب الأخفش في: ما إن زيد قائم ومحتمل في قوله * فصيروا مثل كعصف مأكول * وإن كان المشهور في أمثال ذلك الحكم بالزيادة دون التأكيد ومن ثم قيل الأولى أن يجعل كلمة من زائدة على مذهب الكسائي أو موصول بالظرف خبرا لمبتدأ محذوف أي الذين هم أشخاص وأناس ثابتون قبلكم وفيه تفخيم لشأنهم بالإبهام وإيذان بأن خلقهم أدخل في القدرة أو موصولة بالظرف كذلك أي الذين هم الذين قبلكم وقد نقل عن المصنف ههنا سؤال بأن الموصول بدون الصلة لا يفيد شيئا فكيف يجوز تأكيده وجواب بأن الموصول وحده يفيد أمرا مبهما كاسم الإشارة ولهذا رجع الضمير إليه في قولك الذي قام مع أنه لا يرجع إلى غير المفيد وأورد عليه أن التأكيد اللفظي يجرى في الحروف ففي الأسماء الموصولة أولى وأجيب بأن وجه الاستبعاد أن الموصول لا يتم جزءا إلا بصلة وعائد فهو وحده بمنزلة الزاي من زيد بخلاف الحروف وأنت خبير بأن جعل الموصولات في الإفادة والاستقلال دون الحروف خروج عن الإنصاف (قوله كما أقحم جرير) الإقحام أن يدخل شئ في آخر بشدة
(٢٢٨)