(قوله ويصعد) استعار الصعود للعلو في المرتبة وبنى عليه ما يبنى على العلو في المكان من ظن الجهول بأن له حاجة في السماء، قيل الصعود أيضا مبنى على ما تقدم من قوله:
فما زال يقرع تلك العلى * مع النجم مرتديا بالغمام فإنه استعار للترقي في المعاني فروع المنابر والجبال: بنى على ذلك حديث الصعود وما بعده (قوله ولبعضهم) أراد به نفسه، استعار (الغيث) للجواد (والليث) للشجاع وبنى على الأول (المسبل) أي الهطال، وعلى الثاني (المشبل) أي ذا الشبل وهو الولد، وبنى عليهما النهى عن أن يظن في سرباله: أي درعه أو ثوبه رجلا لتناسى التشبيه، وادعاء أنه حقيقة الغيث والليث كما في كل استعارة مرشحة. فإن قيل: قد ذكر ههنا المشبه، أعني الضمير في سرباله فلا يكون استعارة. وأجيب بأن المراد من طي المشبه أن لا يكون مذكورا على وجه ينبئ عن التشبيه، وهو أن يكون بين طرفيه جمل أو ما هو في معناه وذلك لا ينافي ذكره على وجه اخر، ألا ترى أنهم اتفقوا على أن القمر في قوله * قد زر أزراره على القمر * استعارة ولا شبهة في أن الضمير في قوله (ففيه) راجع إلى السربال دون الشخص (أسد على) جاز تعلق الظرف به لملاحظة ما يلزمه من الجرأة لا أنه يستعمل في معنى مجترئ أو صائل وإلا كان مجازا مرسلا، وفات معنى التشبيه بالكلية كما في قولك زيد شجاع أو مجترئ، وكذلك الحال في (نعامة) يلاحظ معها معنى الجبن والفرار، وما قيل من أن أسدا في زيد أسد مستعمل في المشبه: أي المجترئ، فيكون استعارة مردود بأن هذا المجموع ليس مشبها بالأسد، فإن الشجاعة خارجة عن الطرفين اتفاقا، فالحق أن أسدا مستعمل هناك في معناه الحقيقي، وقد حمل على زيد بناء على دعوى كونه من أفراده فلا يظهر حينئذ تقدير الأداة لفوات المبالغة، فإنك إذا قلت: زيد كالأسد فقد جعلت مشابهته للأسد مقصودا بالإثبات، وإذا قلت زيد أسد كان مقصودك حمله عليه لا مشابهته إياه كما في سائر أفراده، ثم إنه قد يلاحظ على سبيل التبعية لمعناه الحقيقي ما يلزمه من الجراءة والصولة وغيرهما من المعاني الملازمة فيعمل في الظرف باعتبار ذلك المعنى التابع، وقد يرفع به الفاعل أيضا كما في قولك رأيت رجلا أسدا أبوه، إما لقصد معنى المشابهة أولا باعتبار اللازم، سواء جعل تابعا أو مستعملا فيه اللفظ (والفتخاء) المسترخية الجناحين، وهى صفة لازمة للنعامة، والبيت لعمران بن حطان مفتى الخوارج وزاهدها، وبعده:
هلا برزت إلى غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر وقد مر ذكر غزالة امرأة شبيب الخارجي. قال ابن دريد: هذه المرأة دخلت الكوفة في ثلاثين فارسا وفيها