الكتاب على أنه يريد بذلك تعريف الجنس، وينبغي أن تعلم أنه إشارة إلى معنى آخر لتعريف الخبر وهو فاسد، إذ قد ثبت لك أنه تعريف جنس اعتبر معه تصوير الحقيقة بصورة وهمية توصلا إلى دعوى الاتحاد بينهما وبين ما أخبر عنها، فهو من فروع الجنس كالحمل على الكمال، وكيف لا والتعريف باللام منحصر في العهد والجنس.
فإن قلت: ظهور الاتصاف بمضمون الخبر ليس شيئا منهما. قلت: هو راجع إلى الجنس أيضا كأنه بعد ما جعل خبرا عرف باللام إشارة إلى حضور الجنس في الأذهان من حيث إنها صفة للمخبر عنه، وهذا معنى ظهور اتصافه به، وقد اختار العلامة في تعريف المفلحون ذلك المعنى على حصر الجنس لأنه أدق وأبلغ، فقوله (ما هم) مفعول ثان لتحققوا، ومثله لا يسمى تعليقا لوجود العمل في المفعول الأول أدق وأبلغ، فقوله (ما هم) مفعول ثان لتحققوا، ومثله لا يسمى تعليقا لوجود العمل في المفعول الأول، وقوله (وتصوروا بصورتهم الحقيقية) إشارة إلى تصوير حقيقة المفلحين بالصورة التي حقها أن يكونوا عليها، قولوه (فهم هم) فيه إشارة إلى الاتحاد، والضمير الأول للمتقين والثاني للمفلحين، وقوله (لا يعدون تلك الحقيقة) تأكيد للاتحاد لا تصوير بيان لحصر المبتدأ في الخبر كما ظن حيث قيل إذا جعل اللام للعهد أريد قصر الفلاح عليهم، وإذا جعلت للجنس أريد قصرهم على صفة الفلاح، فإنه مخالف للقاعدة المقرورة من أن تعريف الخبر بلام الجنس يفيد قصره على المبتدأ لا عكسه، وإن أشعر به كلامه في الفائق حيث قال: معنى قوله إن الله هو الدهر: أن الله هو الجالب للحوادث لاغير الجالب. وذهب رحمه الله تعالى إلى أن الحصر على الوجهين للمسند على المسند إليه، أو على العهد قصر إفراد، أو على الجنس قصر قلب الخ وما حققناه هو المعول عليه. فإن قلت: إذا ادعى أن المتقين عين حقيقة المفلحين فلا يتصور هناك حصر أصلا فكيف استعمل فيه ضمير الفصل؟ قلت: قد جرد لتمييز الخبر عن النعت وتأكيد الحكم إما معا أو لأحدهما، وكذا إذا أريد حصر المبتدأ على الخبر وتسوط بينهما كقولك الكرم هو التقوى، أي لا كرم إلا التقوى وأما إذا كان الخبر المعرف مفيدا لحصر الجنس في المبتدأ كان الفصل مؤكدا كقولك زيد هو الأمير (قوله فانظر كيف) لما كان النظر وسيلة إلى العلم كان متضمنا لمعناه فجاز إيقاعه على الاستفهام معلقا عنه، وقوله عزو من قائل كقولك عز قائلا هو تمييز عن النسبة أي عز قائليه أو حال على أن المراد بقاقئل هو الجنس أي عز قائلا من القائلين (قوله على طرق شتى) متعلق بكرر، أما التنبيه بذكر اسم الإشارة وتكريره فلما عرفت من أنه بمنزلة إعادة الوصف وتعليق الحكم به وأن تكريره يدل عليه اختصاص كل واحد من الهدى والفلاح بهم، وإما بتعريف المفلحين فعلى العهد ظاهر سواء اعتبر فيه حصر أولا. وأما على الجنس فلأن المقصود هو الاتحاد بتلك الحقيقة وذلك أبلغ من الاختصاص، وأما بتوسط الفصل فمن حيث دلالته على الحصر أو تأكيد الحكم (قوله ينبطك الخ) يشير إلى أن أصحاب الكبائر لا يفوزون بالشفاعة والنجاة من العقوبة ودخول الجنة وأنهم