حيث أنهما أمان لسائر العبادات البدنية والمالية، ومن حيث أنهما يذكران في القرآن معا نحو - أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة -. وأما قولهم باب الصلاة وباب الزكاة وفلان يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة فمتفرع على استعمال القرآن فلا يستشهد به ههنا. فإن قلت: تخصيص الزكاة بالإنفاق نفى لما يقابلها من التطوع وصدقة الفطر والمقام يأباه.
قلت: لما عبر عنها ببعض ما رزقنا كانت بهذا الاعتبار مقابلة لجميع المال، فالنفي موجه نحوه حفظا عن منقصة التبذير (قوله لمجيئه) أي اللفظ وهو مما رزقناهم مطلقا: أي غير مقيد بما يعين الزكاة وغيرها، وقوله يصلح صفة لمطلقا، وقد مر وجه الصلوح غير مرة. فإن قلت: الاقتران بالصلاة قرينة للزكاة. قلت: مقام المدح قرينة لقصد الإطلاق والعموم (قوله أخوان) أي بينهما الاشتقاق الأكبر لاشتراكهما في أصل المعنى، وأكثر الحروف الأصول مع التوافق في الباقي (ويعقوب) حيث أطلق في كتب اللغة يريد به ابن السكيت صاحب إصلاح المنطق (قوله مم فاؤه نون وعينه فاء) نحو نفر ونفى ونفد ونفع ونفض ونفث وأمثالها (قوله كما يوسط بين الصفات) أشار بتكرير الأمثلة لتوسط العاطف بين الصفات أن عطف بعض الصفات على بعض كثير في الكلام بناء على تغاير المفهومات وإن كانت متحدة في الذات، وقد يكون بالواو وقد يكون بغيرها على ما يقصد فيها من معاني الحروف العاطفة (القرم) هو السيد وأصله الفحل المكرم الذي لا يحمل عليه (والهمام) هو العظيم الهمة وهو من أسماء الملوك (وليث الكتيبة) أي الجيش مؤول بمعنى الصفة (والمزدحم) موضع الازدحام وهو المعركة (قوله يا لهف زيابة) هو من الحماسة والشعر لابن زيابة أي يا حسرة أبى من أجل الحرث فيما حصل له من مراده واتصف به من الأوصاف المتعاقبة قيل تهكم به، لأن الحرث توعد ابن زيابة بالقتل ثم نكص عن جزائه.
وقيل هو على ظاهره. والصابح هو المغير صباحا وعطف عليه بالفاء نظرا إلى الترتيب في الاتصاف: أي الذي صبح فغنم فآب سالما وبعده:
والله لو لاقيته وحده * لآب سيفانا مع الغالب أراد معي لكنه التفت ادعاء لظهور أن الغلبة له، وقد يغلط فيه فيقال زيابة هو الشاعر يتلهف لأجل الحرث وسلبه،