أقامها " الحديث، وإذا كان ترك الصلاة فاصلا بين الكفر والإسلام لقوله صلى الله عليه وآله " من تركها متعمدا فقد كفر " كان الإتيان بها عمدة في الإسلام، وإذا كان ترك الزكاة سببا للوعيد مع الإشراك كان إيتاؤها عدة صالحة في تحصيل النجاة وأما حديث " سنة الزكاة فطرة الإسلام " فقد ضعفه الصغاني (قوله بهذه المثابة) إشارة إلى كون الصلاة عمادا وعمدة في الدين وكون الزكاة قنطرة وعمدة فيه (قوله كان من شأنهما) أي من شأن كل واحدة منهما استجرار ما يجانسها ويناسبها مزيد مناسبة في البدنية والمالية، فاستدل بالأحاديث والآية الكريمة على كونهما آمين مستتبعين لما عداهما ويلزم كونهما عيارا عليه، والمقصود إنما يتم به فلذلك قال ومن ثمة: أي ومن أجل أنهما مستتبعان سائر العبادات، وأشار إلى كونهما عيارا بقوله كالعنوان وهو ظاهر الكتاب الذي يدل على باطنه إجمالا (قوله والذي) عطف على ما هو وعدم توقف الأخوات في الاقتران راجع إلى أداء معنى الاستجرار والاستتباع. وقوله (أن يقترن) صح مع الياء وتشديد النون بإدغام لام الكلمة في نون الضمير (قوله مع ما في ذلك) أي في ذكر هاتين العبادتين وجعلهما دليلا فائدتان الاختصار والإفصاح عن فضلهما بأنهما أصلان يتبعهما ما سواهما فلا يحتاج إلى ذكره معهما، وعلى هذا فسائر العبادات وترك السيئات مفهومة تبعا لا أنهما داخلان فيما استعمل فيه اللفظ: وزعم بعضهم أن الإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة كناية عن فعل جميع الحسنات وترك جميع السيئات، وعلى هذا تكون الطاعات بأسرها مذكورة بلفظ بعضها، فلا ينحصر المذكور فيما هو عنوان لها وهو خلاف المتبادر من عبارة الكتاب، ولا حاجة إليه فإن المعاني المقصودة تبعا لم تستعمل فيها الألفاظ وليست أجزاء لما استعملت هي فيها (قوله وأما الترك فكذلك) أي فقد انطوى فيما ذكر (قوله ويراد بالمتقين) قيل هذا معنى لغوى لأن التقوى في اللغة هو الاحتراز. وقيل المراد ههنا احتراز خاص فلا يكون حقيقة لغوية.
وبالجملة لفظ المتقى يطلق على مجتنب المعاصي سواء أتى بالطاعات أولا، وعلى هذا فالصفة مخصصة لموصوفها دالة على بعض أحواله الخارجة عنه كزيد العالم، واعترض بأن اجتناب المعاصي كلها مستلزم للإتيان بالطاعات. فإن ترك الطاعة معصية لقوله تعالى - لا يعصون الله ما أمرهم - فلا تكون الصفة مخصصة. وأجيب بأنه أريد بالمعصية ههنا ما تعلق به نهى صريح وترك المأمور به منهى عنه ضمنا وبأن المعصية فعل ما نهى عنه، والترك ليس بفعل فلا