مبتدأ محذوف على معنى أهي واردة، وقيل بدل من ما الاستفهامية وإنما تصح إذا جعلت ما خبرا مقدما إذ لو كانت مبتدأ لم يجز أن تعطف أم جاءت على واردة فإن الفعل لا يعطف على ما هو بدل من المحكوم عليه، وبيانا، إما مفعول له ليكون واردة بمعنى مورودة، وإما حال، ويؤيده أن قوله تفيد حال والضمير في فائدتها عائد إلى الواردة بيانا كما تشعر به عبارة المفتاح أو إلى المتقين بتأويل الكلمة أو اللفظة، وهذا أولى لأن معنى قوله بيانا وكشفا للمتقين أنها لا تفيد غير فائدة لفظ المتقين بل تفصل مفهوما، والذي يقابل ذلك أنها تفيد غير فائدتها، وأيضا قوله فيما بعد وتكون صفة برأسها معناه أنها صفة مخصصة مفيدة غير ما أفاده موصوفها لا أنها مفيدة غير فائدة الكشف كما قيل (قوله أم جاءت على سبيل المدح والثنا) قال رحمه الله تعالى: الفرق بين المدح صفة وبين المدح اختصاصا من وجهين: الأول أن المقصود الأصلي من الأول إظهار كمال الممدوح والاستلذاذ بذكره، وربما تضمن تخصيص بعض صفاته بالذكر إشارة إلى إنافتها على سائر الصفات المسكوت عنها، ومن الثاني إظهار أن تلك الصفة أقوى باستقلال المدح من سائر الصفات الكمالية، إما مطلقا أو بحسب ذلك المقام حقيقة، أو ادعاء الثاني أن الوصف في الأول أصلى والمدح تبع، وفى الثاني بالعكس (قوله تمجيدا) مفعول له إما على أنه فعل للصفات مجازا وإما على أن الجارية يدل على معنى المجراة (قوله يحتمل أن ترد على طريق البيان والكشف) يعنى أن المتقى في الشريعة كما مر من يقي نفسه ما يستحق به العقوبة من فعل سيئة أو ترك حسنة ومحصله أنه الذي يفعل الحسنات ويترك السيئات، فحال المتقين مؤسسة على هذين الأمرين وهذه الصفة، أعني الذين يؤمنون بالغيب الخ مشتملة عليهما، فهي كاشفة لموصوفها على وجه لطيف، وهو أنه عدل على تلك العبارة الجامعة إلى المنزل لفوائد: الأولى: إن الحسنات أساسا وعمدة، وإن واحدة منها وهى الصلاة تستتبع ترك السيئات. الثانية: انقسام الحسنات إلى قلبية وقالبية ومالية. الثالثة: التنبيه بترتيب ذكرها على تفاصيلها. الرابعة: أنه اقتصر من القلبية بالإيمان ومن الآخرين بالصلاة والصدقة إيماء إلى أنها أصول وما عداها منطوى تحتها. وفى قوله أساس الحسنات ومنصبها:
أي الأصل الذي نصبت هي فيه. وقوله إما العبادات البدنية والمالية دلالة على تفضيل الإيمان عليهما من جهتين:
الأولى أنه أصل للحسنات كلها وهما لبعضها. الثانية أنه أساس لها لا توجد حسنة بدونه كما لا يوجد بناء دون أساسه بخلاف الصلاة للعبادات البدنية والصدقة للمالية فإنهما ليستا شرطين لصحتهما وإن كانتا أصلين لهما فجعلتا بمنزلة الأم إذ قد يستغنى عنها بعد الولاة (قوله وهما العيار) أي الشاهد يريد أن من أتى بهما كان آتيا بغيرهما ولم يقل وهما العياران نظرا إلى أصله فإنه مصدر عايرت المكاييل والموازين إذا قايستها، ثم نقل إلى الآلة أعني ما يقايس به ويعابر، ثم أطلق على الدليل الذي يعرف به صحة الشئمن فساده تشبيها له بتلك الآلة. فإن قلت: هما عيار على البدنية والمالية فما الشاهد على حسنات القلب؟ قلت: الإيمان فإنه مع كونه أصلا للكل له مزيد مجانسة معها (قوله عماد الدين) حيث قال في حديث طويل " رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة " وقال " الصلاة عماد الدين، فمن