الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٢٠
فعل وترك (قوله واختلف في الصغائر) هل يعتبر اجتنابها في المنفى؟ فقيل نعم لأن فرط الصيانة يقتضى ذلك، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم وآله " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مم به بأس " فحينئذ يفسر المتقى بما ذكر. وقيل الصحيح أنه: أي المتقى لا يتناول الصغائر: أي لا يعتبر في مفهومه اجتنابها، وعلى هذا يفسر بتفسير آخر، ويقال هو من يجتنب الكبائر ولا يقدح في ذلك أن الإصرار على الصغائر سلب العدالة فكيف بالتقوى لأن الإصرار عليها كبيرة اتفاقا، وليس بداخل تحت التكفير فإن الاجتناب عنه داخل في الاجتناب عن الكبائر. وقد يقال: الاختلاف في أن ما يستحق به العقوبة هل يتناول الصغائر أم لا؟ فمن قال يتناولها تشبث بأن احتياجها إلى التكفير دل على كونها سببا لاستحقاق العقوبة، ومن قال لا يتناولها تشبث بأنه لما وقعت مكفرة لم يظهر للاستحقاق بها أثر، فكأنه لا استحقاق فلا يندرج فيما يستحق به العقوبة عند الإطلاق (قوله وقيل يطلق) ليس هذا قولا آخر مقابلا لما تقدم، بل هو نقل كلام يتضمن نوع بيان حال اسم المتقى ويشير إلى الفرق بينه وبين اسم المؤمن إذا اشترط دخول الأعمال في الإيمان، وأما إذا لم يشترط الفرق أظهر من ذلك (قوله أو خبر مع لا ريب فيه لذلك) أورد المعية في كون كل منهما خبرا له على حدة (قوله والعامل فيه معنى الإشارة) كأنه قيل أشير إلى الكتاب حال كونه هاديا، فالعامل في الحال وصاحبها واحد لأن المنصوب المحل بالفعل المذكور هو المجرور وحده على ما حقق، وهو بهذا الاعتبار وقع ذا حال، قال المصنف في قوله تعالى - هذا بعلى شيخا - العامل في شيخا ما في حرف التنبيه أو اسم الإشارة من معنى الفعل، فاعترض عليه بلزوم اختلاف العامل لأن صاحب الحال مفعول للابتداء، فأجاب بأن التقدير أنبه أو أشير إليه شيخا، فذو الحال هو ذلك الضمير المنصوب محلا بالفعل الناصب للحال فاتحد العامل فيهما، وقصد بذلك التقدير إبراز معنى الفعل الذي يتضمنه حرف التنبيه أو اسم الإشارة: أي معنى هذا بعلى أنبه على بعلى أو أشير إليه، ولم يرد أن هناك فعلا محذوفا كما ظن بعضهم.
واعترض بأن العامل في ليس ما فيها من معنى الفعل (قوهل أو الظرف) بالرفع أي العامل في الحال الظرف أعني فيه، ويروى مجرورا أي معنى الظرف، وذو الحال هو الضمير المجرور لأنه مفعول معنى الضمير المستتر في الظرف
(١٢٠)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»