الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١١٩
بما هو حقيقة في المراد، وأي فائدة في العدول إلى المجاز. وأجاب بأن هناك فائدتين: الأولى الاختصار الذي هو من باب إيجاز القصر. الثانية تصدير السورة الكريمة المعظمة بذكر أسماء أولياء الله تعالى رعاية لحسن المطلع (قوله على الطريقة التي ذكرنا) أراد طريقة المشارفة المصرحة فيما تقدم إلا أن المناسب لقوله علم أن مصيرهم إلى الهدى وما يتلوه أن يكتفى بمطلق الصيرورة، فكأنه أشار به إلى ذلك واختار المشارفة لكونها أوفق للصفات المتعقبة للمتقين (قوله وأيضا فقد جعل) عطف على قوله فاختصر، ولابد من تقدير أي وأيضا إذا كان كذا فقد جعل أو ونقول أيضا فقد جعل ذلك الإجراء المؤدى إلى الاختصار سلما إلى فائدة أخرى فهي أعلى منه، وتلخيصه فقد أجرى الكلام على تلك الطريقة للاختصار والتصدير. وقيل هو عطف بحسب المعنى على قوله لأن الضالين بناء على أن ذلك التقسيم المذكور له مدخل في تفريع الاختصار التصدير، ولفظ ذلك حينئذ إشارة إلى ترك الضالين إلى المتقين، وأما عطفه على فقيل فيقتضى اندراجه في تفصيل الاختصار (قوله أولى الزهراوين) أي المنيرتين من قوله صلى الله عليه وآله " اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران " لحديث قال: سميتا بذلك لأنهما زهراوين في الأعجاز، وسميت بالبقرة سنام القرآن لأنها أعظم سورة منه وأرفعها كما أن السنام أعظم أعضاء الإبل وأعلاها، وسميت أيضا أول المثاني: أي السبع الطوال التي تثنى فيها صفات المؤمنين والكفار والوعد والوعيد وغيرها وهى البقرة والأعراف وما بينهما ويونس، ولا يصح حمل الثاني ههنا على مجموع القرآن والفاتحة كما لا يخفى، وذكر لفظ أول على معنى مثنى هو أول المثاني (قوله بذكر أولياء الله) أي بذكر اسمهم وهو لفظ المتقين الذي أبد مكان لفظ الضالين الصائرين إلى التقوى مع اتحاد المراد منهما. وقد غلط من زعم أن المصنف جعل هؤلاء أولياء الله نظرا إلى ظاهر لفظ المتقين، وإلا فالضال وإن كان مصيره إلى التقوى لا يكون وليا لله تعالى إلا على القول بأن السعيد من سعد في بطن أمه والشقى من شقى في بطن أمه وهى مسألة موافاة الأشعري (قوله من وجأها) أي من أجل وجع في حافرها، يقال وجى الفرس بالكسر: إذا وجد وجعا في حافره، والضمائر في قوله أصابه إلى قوله يؤلمه إما للفرس وإما لواحد من الفرس أو الدابة إلا ضمير يصيبه فإنه للحافر، وفى قوله أدنى شئ إشارة إلى فرط الصيانة (قوله من فعل أو ترك) اعترض بأن صوابه وترك لأن ما يستحق به عام متناوم لهما معا. والجواب أنه مطلق مفسر بأحدهما إلا أنه لوقوعه مع تفسيره بعد ما يتضمن نفيا أفاد استغراقا أنه قيل لا يفعل ما يستحق به العقوبة من
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»