بخروج الشعاع منها والثاقب أيضا العالي الشديد العلو، تقول: العرب للطائر إذا ارتفع ارتفاعا شديدا قد ثقب. كله كأنه ثقب الجو الاعلى. وقال مجاهد وقتادة وابن عباس: الثاقب المضئ. وقال ابن زيد: هو العالي وهو زحل.
وقوله (إن كل نفس لما عليها حافظ) جواب القسم و (إن) ههنا المخففة من الثقيلة التي يتلقى بها القسم، والمعنى إن كل نفس لعليها حافظ - فيمن خفف - ومن شدد قال: (ان) بمعنى (ما) وتقديره ليس كل نفس إلا عليها حافظ. وقال قتادة: حافظ من الملائكة يحفظون عمله ورزقه وأجله، فالحافظ المانع من هلاك الشئ حفظه يحفظه حفظا واحتفظ به احتفاظا فأما أحفظه فمعناه أغضبه، وتحفظ من الامر إذا أمتنع بحفظ نفسه منه وحافظ عليه إذا واظب عليه بالحفظ.
وقوله (فلينظر الانسان مم خلق) أمر من الله تعالى للمكلفين من الناس أن يفكروا ويعتبروا مماذا خلقهم الله. ثم بين تعالى مماذا خلقهم فقال (خلق من ماء دافق) فالدفق هو صب الماء الكثير باعتماد قوي، ومثله الدفع، فالماء الذي يكون منه الولد يكون دفقا وهي النطفة التي يخلق الله منها الولد إنسانا أو غيره، وماء دافق معناه مدفوق، ومثله شر كاتم، وعيشة راضية.
ثم بين ذلك من أي موضع يخرج هذا الماء، فقال (يخرج من بين الصلب والترائب) فالصلب هو الظهر، والترائب جمع تريبة وهو موضع القلادة من صدر المرأة - في قول ابن عباس - وهو مأخوذ من تذليل حركتها كالتراب. قال المثقب.
ومن ذهب يشن إلى تريب * كلون العاج ليس بذي غصون (1) وقال آخر:، والزعفران على ترائبها * شرقا به اللبات والنحر (2)