على اعادته واحيائه بعد موته (ألم يك نطفة من مني يمني) فالمني نطفة الذكر التي يجيئ منها الولد (ثم كان علقة) أي قطعة من الدم المنعقد جامدة لا تجري فخلق الله منها هذا الانسان الذي هو في أحسن تقويم، فسبحان من قدر على ذلك. وقوله (فخلق فسوى) أي خلق من العلقة خلق سويا شق له السمع والبصر. وقال الفراء:
معنى (فسوى) فسواه (فجعل منه) من ذلك المني (الزوجين الذكر والأنثى) فمن قدر على ذلك لا يقدر على أن يحيي الموتى بعد ان كانوا أحياء؟! بلى والله قادر على ذلك، لان جعل النطفة علقة وخلق العلقة مضغة وخلق المضغة عظما وكسو العظم لحما ثم إنشاؤه خلقا آخر حيا سليما مركبا فيه الحواس الخمس كل واحدة منها يصلح لما لا يصلح له الأخرى، وخلق الذكر والأنثى اللذين يصح منهما التناسل على ما قدره الله أعجب وأبدع من إعادة الميت إلى ما كان من كونه حيا، فمن قد ر على الأول أولى بأن يكون قادرا على الثاني، فالاحياء ايجاد الحياة، والإماتة ايجاد الموت عند من قال أن الموت معنى، ومن قال: ليس بمعنى، قال: هو نقض بنية الحي على وجه الاختراع.
وقوله (فجعل منه) قيل يعني من الانسان (الزوجين الذكر والأنثى) وقيل من المني (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) وقال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وا له إذا ختم السورة، يقول: سبحانك الله بلى، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وفي الآية دلالة على صحة القياس العقلي، وهو أن من قدر على احياء الانسان قادر على احيائه بعد الإماتة، وقال الفراء: يجوز في العربية يحيي الموتى بالادغام بأن ينقل الحركة إلى الحاء وتدغم احدى اليائين في الأخرى وانشد:
وكأنها بين النساء سبيكة * تمشي بسدة بيتها بتعي (1)