من المعصية وأخر من الطاعة. وقال مجاهد: يعني بأول عمله وآخره. وقال ابن زيد: ما أخذ وترك. وفي رواية عن ابن عباس، وهو قول ابن مسعود: بما قدم قبل موته، وما اخر من سنة يعمل بها بعد موته، وقيل ما قدم وأخر جميع أعماله التي يستحق بها الجزاء.
وقوله (بل الانسان على نفسه بصيرة) أي شاهد على نفسه بما تقوم به الحجة - ذكره ابن عباس - كما يقال: فلان حجة على نفسه. وقد قال تعالى (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) (1) وقال الزجاج: معناه بل الانسان تشهد عليه جوارحه كما قال (يوم تشهد عليهم) (2) والهاء في (بصيرة) مثل الهاء في (علامة) للمبالغة. وقيل شهادة نفسه عليه أولى من اعتذاره. وقيل تقديره بل الانسان على نفسه من نفسه بصيرة: جوارحه شاهدة عليه يوم القيامة ولو اعتذر كان شاهدا عليه من يكذب عذره. وقوله (ولو القى معاذيره) معناه ولو أقام الاعتذار عند الناس، وفى دار التكليف واستسر بالمعاصي بارخاء الستر. وقال ابن عباس: معناه ولو اعتذر. وقال السدي: معناه ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب. وقال الزجاج:
معناه لو أتى بكل حجة عنده. والمعاذير التنصل من الذنوب بذكر العذر، واحدها معذرة من قوله (لا ينفع الظالمين معذرتهم) (3) وقيل: المعاذير ذكر مواقع تقطع عن الفعل المطلوب. والعذر منع يقطع عن الفعل بالامر الذي يشق. والاعتذار الاجتهاد في تثبيت العذر.
وقوله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) قال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك: كان النبي صلى الله عليه وآله إذا نزل عليه القرآن عجل بتحريك لسانه لحبه إياه،