رصدا (27) ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا) (28) ثمان آيات.
قرأ (ليعلم) بضم الياء يعقوب. الباقون بفتح الياء. أمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين (اني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) ومعناه إني لا أقدر على دفع الضرر عنكم ولا إيصال الخير إليكم، وإنما يقدر على ذلك الله تعالى.
وإنما أقدر على أن أدعوكم إلى الخير وأهديكم إلى طريق الرشاد، فان قبلتم نلتم الثواب والنفع، وان رددتموه نالكم العقاب وأليم العذاب، ثم قال أيضا (قل) لهم يا محمد (اني لن يجيرني من الله أحد) أي لا يقدر أن يجير على الله حتى يدفع عنه ما يريده به من العقاب (ولن أجد) أيضا انا (من دنه) أي من دون الله (ملتحدا) يعنى ملتجأ ألجأ إليه أطلب به السلامة مما يريد الله تعالى فعله من العذاب والألم. وأضافه إلى نفسه، والمراد به أمته، لأنه لا يفعل قبيحا فيخاف العقاب. والمعنى ليس من دون الله ملتحد أي ملجأ.
وقوله (الابلاغ من الله ورسالاته) معناه لكن أملك البلاغ من الله الذي هو بلاغ الحق لكل من ذهب عنه وأعرض عن اتباعه بأن أرشده إلى الأدلة التي نصبها الله له وأمر بالدعاء إليها سائر عباده المكلفين، كما أمر أنبياءه بتبليغ رسالاته، فيكون التقدير لا أملك إلا بلاغا من الله ورسالاته. وقيل يجوز أن يكون المراد لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالاته، فيكون نصب البلاغ على اضمار فعل من الجزاء، كقولك إن لا قياما فقعودا وان لا عطاء فردا جميلا فتكون (لا) منفصلة من (إن) وتقديره إن لا أبلغ بلاغا من الله ورسالاته . ثم قال (ومن يعص الله ورسوله) بأن خالف ما أمراه به وارتكب ما نهياه