ربهم على إحاطة بهم وتحصين لما بلغوا من رسالاته. وقال الزجاج: ليعلم الله أن قد أبلغوا.
وقوله (وأحاط بما لديهم) معناه انه يعلم ما عندهم فيحيط بما لديهم فيصير في معلومه بمنزلة ما أحيط به (وأحصى كل شئ عددا) معناه انه يعلم الأشياء مفصلة بمنزلة من يحصيها ليعلمها كذلك. وقال الزجاج: نصب (عددا) يحتمل شيئين أحدهما - وأحصى كل شئ في حال العدد، فيكون العدد بمعنى المعدود، كما يقال: للمنقوص نقص، فلا يخفى عليه شئ من الأشياء، لا سقوط ورقة، ولا حبة في ظلمات الأرض.
والثاني - أن يكون بمعنى المصدر، وتقديره وأحصى كل شئ احصاء. وقال الجبائي معنى (ليعلم ان قد أبلغوا) أي ليبلغوا (رسالات ربهم) فعبر عن المعلوم بالعلم كما يقال: ما علم الله مني ذلك أي ما فعلته، لأنه لو فعله لعلم الله ذلك (وأحصى كل شئ عددا) معناه انه لا شئ يعلمه عالم أو يذكره ذاكر إلا وهو تعالى عالم به ومحص له. والاحصاء فعل، وليس هو بمنزلة العلم، فلا يجوز ان يقال أحصى مالا يتناهى كما يجوز ان يقال: علم ما لا يتناهى، لان الاحصاء مثل المحصي لا يكون إلا فعلا متناهيا، فإذا لم يجز ان يفعل ما لا يتناهى لم يجز ان يقال يحصي ما لا يتناهى.
والفرق بينهما واضح.