قال الصحاك: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء. وقال الحسن: كل بيع تفوت فيه الصلاة يوم الجمعة فإنه بيع حرام، لا يجوز، وهو الذي يقتضيه ظاهر مذهبنا، لان النهي يدل على فساد المنهي عنه. ثم قال (ذلكم) يعني ما ذكره من السعي إلى الصلاة (خير لكم) في دينكم وانفع لكم عاقبة (إن كنتم تعلمون) صحة ما قلناه أي اعلموه.
وقوله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) أي إذا صليتم الجمعة فانتشروا في الأرض طلبا لرزق الله. وصورته صورة الامر وهو إباحة وإذن ورخصة - في قول الحسن والضحاك وابن زيد وغيره - (وابتغوا من فضل الله) أي اطلبوا من فضل الله بعمل الطاعة والدعاء به (واذكروا الله كثيرا) يا محمد على إحسانه وبالشكر على نعمه والتعظيم لصفاته (لعلكم تفلحون) ومعناه لتفلحوا وتفوزوا بثواب النعيم.
ثم اخبر تعالى عن حال جماعة كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وهو يخطب وهم معه يصلي بهم، فقال (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) قال جابر بن عبد الله والحسن: قدم عير لدحية الكلبي فيها طعام المدينة بعدما أصابتهم مجاعة، فاستقبلوه باللهو والمزامير والطبول - في قول جابر بن عبد الله ومجاهد - وكانوا مع النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة فلما سمعوا صوت الطبول والمزامير (انفضوا) أي تفرقوا إلى العير يبصرونه وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وحده قائما، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وآله (قل) لهم يا محمد (ما عند الله) من الثواب على سماع الخطبة وحضور الموعظة (خير من اللهو ومن التجارة) وانفع واحمد عاقبة (والله خير الرازقين) أي ليس يفوتهم بترك البيع شئ من رزق الله والتقدير وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك