وقوله (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) (ذلك) إشارة إلى بعث الرسول بين الله تعالى ان إرساله الرسول (فضل) من (الله) ونعمة (يؤتيه) أي يعطيه (من يشاء) بحسب ما يعلمه من صلاحه مبعثه، وتحمل أعباء الرسالة (والله ذو الفضل العظيم) على عباده بما يفعل بهم من التفضل والاحسان ساعة بعد ساعة.
وقوله (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها) معنا (مثل الذين حملوا التوراة) يعني العمل بها وبما فيها، فحفظوها ودونوها في كتبهم ثم لم يعملوا بما فيها (كمثل الحمار يحمل أسفارا) قال ابن عباس: الاسفار الكتب واحدها سفر، لأنها تكشف عن المعنى باظهار حاله، يقال: سفر الرجل عن عمامته إذا كشف، وسفرت المرأة عن وجهها وهي سافرة، وإنما مثلهم بالحمار لان الحمار الذي يحمل كتب الحكمة على ظهره لا يدري بما فيها، ولا يحس بها كمثل من يحفظ الكتاب ولا يعمل به، وعلى هذا من تلا القرآن ولم يفهم معناه وأعرض عن ذلك اعراض من لا يحتاج إليه كان هذا المثل لاحقا به. وإن من حفظه وهو طالب لمعناه وقد تقدم حفظه فليس من أهل هذا المثل.
وقوله (بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله) معناه بئس القوم قوم هذا مثلهم، وهم الذين كذبوا بحجج الله وبيناته.
ثم قال (والله لا يهدي القوم الظالمين) يعني الذين يظلمون نفوسهم بارتكاب المعاصي لا يحكم بهدايتهم، ولا يرشدهم إلى طريق الجنة. قوله تعالى:
(قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين (6) ولا يتمنونه