أيمانهم حلفهم إنهم لمنكم. وقرئ (إيمانهم) بكسر الهمزة بمعنى أنهم اتخذوا تصديقهم ظاهرا جنة، فقال تعالى) انهم ساء ما كانوا يعملون) ومعناه بئس الذي يعملونه من اظهار الايمان مع إبطان الكفر والصد عن السبيل. وقال زيد بن أرقم: نزلت الآية في عبد الله بن أبي بن سلول، لما قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأغر منها الأذل، فملا وقف على ذلك جحده وحلف انه ما قاله حتى نزلت السورة. وقوله) ذلك بأنهم آمنوا) بألسنتهم عند الاقرار ب (لا إله إلا الله محمد رسول الله) (ثم كفروا) بقلوبهم لما كذبوا بهذا وهو قول قتادة (فطبع على قلوبهم) أي ختم عليها بسمة تميز الملائكة بينهم وبين المؤمنين على الحقيقة (فهم لا يفقهون) ذلك بجحدهم توحيد الله ونفاقهم وإنكارهم نبوة رسوله الذي دعاهم إلى الحق.
ثم قال: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) بحسن منظرهم وجميل زيهم (وان يقولوا) يعنى هؤلاء المنافقون (تسمع لقولهم) أي تصغي إليهم وتسمع ما يقولون بحسن بيانهم وبلاغة لسانهم، فقال تعالى (كأنهم خشب مسندة) فشبههم الله بالخشب المسندة، قيل: إنهم شبهو بخشب نخرة متأكلة لا خير فيها إلا أنها مسندة يحسب من يراها أنها صحيحة سليمة. وخشب جمع خشبة مثل بدن وبدنة فيمن سكن. ومن ضم قال: مثل ثمرة وثمر ثم وصفهم بالخور والهلع فقال (يحسبون كل صحيحة عليهم) أي يظنون أنها مهلكتهم، وأنهم المقصودون بها جبنا وخورا.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (هم العدو) لك وللمؤمنين (فاحذرهم) وتوقهم (قاتلهم الله) وقيل: معناه أخزاهم الله. وقيل: معناه أحلهم الله محل من يقاتله عدو قاهر له، وهذا أشد ما يكون من الذم والبلاء الذي ينزل بهم وأبلغ ما يكون في البيان عن مكروههم (أنى يؤفكون) أي كيف يصرفون عن الحق. وإنما قال (فاحذرهم)