الذي هذه صفته والناس الذين هذه صفتهم.
الثالث - من شر ذي الوسواس الخناس على العموم، ثم يفسر بقوله - عز وجل - من (الجنة والناس) كما يقال: نعوذ بالله من كل مارد: من الجن والإنس وقوله (الخناس) معناه الكثير الاختفاء بعد الظهور، خنس يخنس خنوسا، ومنه قوله (فلا اقسم بالخنس) (1) أي بالنجوم التي تخفى بعد ما تظهر بتصريف الحكيم الذي أجراها على حق حسن التدبير، ومنه الخنس في الانف لخفائه بانخفاضه عندما يظهر بنتوئه. قال مجاهد: إذا ذكر العبد ربه خنس، فإذا غفل وسوس إليه وقوله (الذي يوسوس في صدور الناس) قيل: ان الشيطان يعتري الانسان بكلام خفي بفعله يصل مفهومه إلى قلبه من غير سماع صوته، كانسان يتكلم من وراء حجاب بكلام يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع الصوت، وهذه حالة معقولة تقع عليها الوسوسة وأما الانسان فإنما يوسوس غيره بأن يدعوه إلى الفساد ويحسن ذلك ويغويه به ويسوفه التوبة ويمنيه العفو. وقوله (من الجنة والناس) بيان لمن يكون منه الوسوسة وقد بين الله تعالى أنه يكون من قبيل الجن ومن قبيل الانس. والناس أصله من الاناس، فحذفت الهمزة التي هي فاء ويدل على ذلك الانس والاناس. واما في تحقيره نويس، فان الألف لما كانت ثانية زائدة اشبهت الف فاعل فلما قلبت واوا شبهة بألف فاعل كذلك جازت الإمالة في المواضع التي أميل الاسم فيها لذلك، ومن سأل عن قوله (قل أعوذ برب. وقل يا أيها الكافرون. وسبح اسم ربك) وما أشبه ذلك من الأوامر المتوجهة إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: كيف جاز من النبي صلى الله عليه وآله أن يقول: قل للأمة؟ ولو جاز ذلك لجاز أن يقول الانسان لغلامه قل لزيد كذا فيقول غلامه لزيد: قل كذا. وهذا خلاف الغرض.