(فعيلة) من برأ الله الخلق إلا أنه ترك فيهما الهمز، ومن همز فعلى الأصل. ويجوز أن يكون (فعيلة) من البري وهو التراب ثم أخبر عن حال المؤمنين فقال (إن الذين آمنوا) بالله وأقروا بتوحيده واعترفوا بنبوة نبيه (وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) أي هم أحسنهم حالة. وإنما أطلق بأنهم خير البرية، لان البرية هم الخلق، ولا يخلوا أن لا يكونوا مكلفين، فالمؤمن خير منهم لا محالة. وإن كانوا مكلفين: فاما أن يكونوا مؤمنين أو كافرين أو مستضعفين، فالمؤمن خيرهم أيضا لا محالة بما معه من الثواب.
وقوله (جزاءهم عند ربهم) يعني جزاء إيمانهم وطاعاتهم عند الله يوفيهم الله يوم القيامة. ثم فسر ذلك الجزاء فقال (جنات عدن) أي بساتين إقامة (خالدين فيها) أي مؤبدين فيها (أبدا رضي الله عنهم) أي رضي أفعالهم (ورضوا عنه) بما فعل بهم من الثواب. والرضا هو الإرادة، إلا أنها لا تسمى بذلك إلا إذا وقع مرادها، ولم يتعقبها كراهية، فتسمى حينئذ رضا، فأما الإرادة لما يقع في الحال أو فيما يفعل بعد، فلا تسمى رضا، فرضى الله عن العباد إرادته منهم الطاعات التي فعلوها، ورضاهم عنه إرادتهم الثواب الذي فعله بهم، ثم قال (ذلك لمن خشي ربه) أي ذلك الرضا والثواب والخلود في الجنة لمن خاف الله فترك معاصيه وفعل طاعاته.