تصيح بنا حنفية إذ رأتنا * وأي الأرض نذهب بالصباح (1) يعني إلى أي الأرض، وقيل معناه فأي طريق يسلكون أبين من الطريق الذي بينه لكم (إن هو إلا ذكر للعالمين) يمكنكم أن تتوصلوا به إلى الحق. والذكر ضد السهو وعليه يتضاد العلم وأضداده، لان الذاكر لا يخلو من أن يكون عالما أو جاهلا مقلدا أو شاكا، ولا يصح شئ من ذلك مع السهو الذي يضاد الذكر.
وقال الرماني: الذكر إدراك النفس الذي يضاد للمعنى بما يضاد السهو. و (العالمين) جمع عالم. وقد فسرناه في ما مضى.
وقوله (لمن شاء منكم ان يستقيم) على أمر الله ووعظ. وقوله (وما تشاؤه إلا أن يشاء الله رب العالمين) قيل في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها - وما تشاؤن من الاستقامة إلا وقد شاءها الله، لأنه قد جرى ذكرها فرجعت الكناية إليها، ولا يجوز أن يشاء العبد الاستقامة إلا وقد شاءها الله، لأنه أمر بها ورغب فيها أتم الترغيب، ومن ترغيبه فيه إرادته له.
والثاني - وما تشاؤن شيئا إلا أن يشاء الله تمكينكم منه، لان الكلام يقتضي الاقتدار على تمكينهم إذا شاء ومنعهم إذا شاء.
الثالث - وما تشاؤن إلا أن يشاء الله ان يلطف لكم في الاستقامة لما في الكلام من معنى النعمة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال شيبتني (هود) وأخواتها (الواقعة) و (إذا الشمس كورت) وهو جميع ما وعظ الله به عباده.
فان قيل: أليس ان أنسا لما سئل هل اختضب رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما شأنه الشيب، فقال: أو شين هو يا أبا حمزة. فقال كلكم يكرهه؟