مجملا. ثم قال مفسرا لذلك (كتاب مرقوم) فالرقم طبع الخط بما فيه علامة لامر يقال: رقمه يرقمه رقما فهو راقم والشئ مرقوم ومنه قمت الثوب بعلامة لئلا يختلط، والمعنى إن هذا الكتاب الذي هو في السجن كتاب قد كتب فيه جميع أفعاله من المعاصي والكفر.
ثم قال (ويل يومئذ للمكذبين) فهو تهديد لمن كذب بيوم الجزاء ولم يصدق بصحة الخبر بكونه، ثم فسر من عنى من المكذبين، فقال (الذين يكذبون بيوم الدين) يعني يوم الجزاء، وهو يوم القيامة، لان من كذب بالباطل وجحده لا يتوجه إليه الوعيد بل هو ممدوح فلو أطلق كان فيه إبهام. ثم قال (وما يكذب به) أي ليس يكذب بيوم الجزاء (الا كل معتد أثيم) فالمعتدي المتجاوز الحق إلى الباطل، يقال: اعتدى اعتداء، فهو معتد. والعادي الخارج عن الحق، عدا يعدو عدوانا وأصله مجاوزة الحد ومن ذلك العداوة وهي مجاوزة الحد في الابغاض، والعدو مجاوزة الحد في اسراع المشي، والأثيم مكتسب القبيح أثم يأثم إثما فهو آثم وأثيم وأثمه تأثيما إذا نسبه إلى الاثم، وتأثم من فعل كذا كقولك تحرج منه للإثم به وقال قتادة: أثيم في مريته، ثم وصف المعتدي الأثيم، فقال (إذا تتلى عليه آياتنا) أي إذا قرئت عليه حجج الله من القرآن وما فيه من الأدلة (قال أساطير الأولين) فواحد الأساطير أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث. وقيل: معناه أباطيل الأولين.
وقيل: معناه هذا ما سطره الأولون أي كتبوه، ولا أصل له. ثم قال تعالى (كلا بل ران على قلوبهم) معناه ليس الامر على ما قالوه بل غلب على قلوبهم يقال منه: رانت الخمر على عقله ترين رينا إذا سكر فغلبت على عقله، فالرين غلبة السكر على القلب. قال أبو زبيد الطائي:
ثم لما رأوه رانت به الخمر * وإن لا يرينه بالقاء أي مخافة يسكر، فهي لا تبقيه وقال الراجز: