تكون لغة.
يقول الله تعالى مخبرا عن نفسه (إنا أرسلنا نوحا) أي بعثنا نوحا نبيا (إلى قومه أن انذر قومك) أي بأن انذر قومك، فموضع (أن) نصب بسقوط الباء.
وقال قوم: موضعه الجر لقوة حذفها مع (أن). وقال آخرون: يجوز أن تكون (أن) بمعنى أي المفسرة، فلا يكون لها موضع من الاعراب. وقرأ ابن مسعود (أرسلنا نوحا إلى قومه أنذر) بلا (أن) لان معنى الارسال معنى القول فكأنه قال: قلنا له: أنذر قومك. والانذار التخويف بالاعلام بموضع المخافة ليتقى.
ونوح عليه السلام قد انذر قومه بموضع المخافة وهي عبادة غير الله، وانتهاك محارمه، وأعلمهم وجوب طاعته وإخلاص عبادته. وقوله (من قبل أن يأتيهم عذاب اليم) معناه اعلمهم وجوب عبادة الله وخوفهم خلافه من قبل أن ينزل عليهم العذاب المؤلم، فإنه إذا نزل بهم العذاب لم ينتفعوا با لانذار ولا تنفعهم عبادة الله حينئذ، لأنهم يكونون ملجئين إلى ذلك. وقال الحسن: أمره بأن ينذرهم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة.
ثم حكى أن نوحا عليه السلام امتثل ما أمره الله به و (قال) لقومه (يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه) أي مخوفكم عبادة غير الله أو أحذركم معصية الله مظهر ذلك لكم (واتقوه) بترك معاصيه (وأطيعون) فيما أمركم به لان طاعتي مقرونة بطاعة الله، وتمسككم بطاعتي لطف لكم في التمسك بعبادة الله، واتقاء معاصيه، فلذلك وجب عليكم ما أدعوكم إليه على وجه الطاعة، وطاعة الله، واجبة عليكم لمكان النعمة السابغة عليكم التي لا يوازيها نعمة منعم.
ثم بين لهم ما يستحقون على طاعة الله وطاعة رسوله فقال متى فعلتم ذلك (يغفر لكم من ذنوبكم) ودخلت (من) زائدة وقيل (من) معناها (عن)