(كتابه) الذي فيه أعماله (بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا) قال ابن زيد: يقول المكلف تعالوا اقرأوا (كتابيه) ليعلمهم انه ليس فيه إلا الطاعات، فلا يستحيون أن ينظر، فيها غيرهم، وأهل الحجاز يقولون: ها يا رجل، وللاثنين هاؤما، وللجمع هاءموا، وللمرأة هاء - بهمزة - وليس بعدها ياء، وللمرأتين هاؤما، وللجماعة هاؤن يانسوة. وتميم وقيس يقولون: ها يا رجل مثل قول أهل الحجاز، وللاثنين هاءا، وللثلاثة هاءوا، وللمرأة هائي، وربما قالوا: هاء يا هذه، وللثلاثة هان.
وبعض العرب يجعل مكان الهمزة كافا، فيقول: هاك بغير همزة، ويؤمر بها ولا ينهى و (هاء) بمنزلة خذ وتناول. ووقف الكسائي على (هاؤم) وابتدأ (اقرأوا كتابيه) ويقول أيضا (اني ظننت أني ملاق حسابيه) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: معناه إني علمت، وإنما حسن هذا فيما يلزم العمل فيما يلزم العمل به لتأكد امره بالظن، كما يلزم بالعلم مع مقاومة الظن للعلم بالقوة في النفس إلا أن العلم معه قوة ينتهي إلى الثقة الثابتة بسكون النفس. والمعنى اني كنت متيقنا في دار الدنيا بأني ألقى حسابي يوم القيامة، واعلم أني أجازي على الطاعة بالثواب وعلى المعاصي بالعقاب، وأعمل بما يجب علي من الطاعات واجتناب المعاصي.
ثم اخبر تعالى عن حال من أعطي كتابه بيمينه فقال (فهو في عيشة راضية) أي في عيشة مرضية تقول: عاش يعيش عيشا وعيشة، وهي الحالة التي تستمر بها الحياة ومنه المعاش الذي يطلب التصرف له بعائد النفع عليه، وراضية معناه مرضية.
ف (فاعلة) بمعنى (مفعولة) لأنه في معنى ذات رضا، كما قيل: لابن وتامر، أي ذو لبن وذو تمر. قال النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل أقاسيه بطئ الكواكب (1)