ما لهم وما عليهم، لان اعمالهم كلها معاصي، وهم يستحقون العقاب لا غير فلذلك يتمنون أن لا يعرفوا حسابهم، والحساب اخراج الكثير مما تضمن معنى العدة، وهو محتمل الزيادة والنقصان، والتمني في قول الكفار معناه التحسر والتندم وإن خرج مخرج التمني.
ثم حكى تعالى أنهم لعظم ما دفعوا إليه من العقاب والأهوال ينتدمون ويتحسرون ويتمنون أن لو كانت القاضية بدلا مما هم فيه. قال الفراء: معناه ليت الموتة الأولى التي متناها لم نجئ بعدها. والقاضية الفاصلة بالأمانة، يقال: قضى فلان إذا مات، واصله فصل الامر، ومنه قضية الحاكم، وجمعها قضايا، ومنه قضاء الله وهو الاخبار بأنه يكون على القطع والهاء في (يا ليتها) كناية عن الحالة التي هم فيها، وقيل كناية عن الموتة. قال قتادة: يعني الموت ولم يكن عنده في الدنيا شئ اكره منه.
ثم حكى انه يقول (ما أغنى عني ماليه) ومعناه ما كفاني في صرف المكروه ولا صرف عني شيئا من عقاب الله تعالى يقال: أغنى يغني غنى واغناء، قال ابن زيد: معناه ما نفعني ملكي الذي كان لي في الدنيا.
وقوله (هلك عني سلطانيه) قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: هلك عني حجتي. وقال الحسن: قد جعل الله لكل إنسان سلطانا على نفسه ودينه وعيشه.
وقال قوم: معناه هلك عني تسلطي وأمري ونهيي في دار الدنيا على ما كنت مسلطا عليه لا أمر لي ولا نهي، فالهلاك ذهاب الشئ بحيث لا يقع عليه احساس، هلك يهلك هلوكا، فهو هلك، قال الزجاج: والوجه أن يوقف على هذه الهاءات، ولا توصل، لأنها أدخلت للوقف، وقد حذفها قوم. وفي ذلك مخالفة المصحف، فلا أحب حذفها. قال: ولا أحب ان أصل وأثبت الهاء، فان هذه رؤس الآي فالوجه