التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٧٢
رحمته ومن جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (73) ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون (74) ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون) * (75) خمس آيات بلا خلاف.
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " قل " يا محمد لهؤلاء الكفار الذين عبدوا معي آلهة تنبيها لهم على خطئهم * (أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) * أي دائما * (إلى يوم القيامة) * بلا نهار ولا ضياء * (من إله غير الله يأتيكم بضياء) * كضياء النهار تبصرون فيه، فإنهم لا يقدرون على الجواب عن ذلك إلا بأنه لا يقدر على ذلك سوى الله تعالى، فحينئذ يلزمهم الحجة بأنه لا يستحق العبادة غير الله وهذا تنبيه منه لنبيه صلى الله عليه وآله ولخلقه على وجه الاستدلال على توحيده ويبطل ذلك قول من قال: المعارف ضرورية. لأنه لو كان تعالى معلوما ضرورة لما احتاج الامر إلى ذلك، لان كونه معلوما ضرورة يغني عن الاستدلال عليه، وما لا يعلم ضرورة من أمر الدين، فلا يصح معرفته إلا ببرهان يدل عليه.
وقوله * (أفلا تسمعون) * معناه أفلا تقبلونه وتتفكرون فيه؟ وفى ذلك تبكيت لهم على ترك الفكر فيه، لأنهم إذا لم يفكروا فيما يسمعونه من حجج الله فكأنهم ما سمعوه. وقيل في قوله * (أفلا تسمعون) * قولان:
أحدهما - أفلا تسمعون هذه الحجة فتتدبرونها وتعملون بموجبها إذ كانت بمنزلة الناطقة بأن ما أنتم عليه خطأ وضلال يؤدي إلى الهلاك.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست