التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٧١
استحقاق العبادة، وانه لا يجوز أن يستغنى عنه بغيره، فمن اشرك في عباته فما عظمه حق تعظيمه، فهذا قد قبح فيما أتى وضيع حق نعمه.
ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " وربك يا محمد يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون " أي عالم بما يخفونه وما يظهرونه. يقال: أكننت الشئ في صدري أي أخفيته و (كننته) بغير ألف صنته. وقيل: كننت الشئ وأكننته لغتان.
ثم اخبر تعالى انه الاله الذي لا إله سواه، ولا يستحق العبادة غيره في جميع السماوات والأرض، وانه يستحق الثناء والحمد والمدح والتعظيم، على ما أنعم به على خلقه في الدنيا والآخرة " وله الحكم " بينهم بالفصل بين المختلفين بما يميز به الحق من الباطل. وان جميع الخلق يرجعون إليه يوم القيامة الذي لا يملك أحد الحكم غيره. وقيل قوله " وربك يخلق ما يشاء ويختار " ذلك في الوليد بن المغيرة حين قال " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " (1) فبين الله تعالى أن له أن يختار ما يشاء لنبوته ورسالته بحسب ما يعلم من يصلح لها.
قوله تعالى:
* (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيمة من آله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون (71) قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيمة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون (72)

(1) سورة 43 الزخرف آية 31
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست