التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٦٨
والثاني - يكون بمعنى المتعة. والمراد - ههنا - متعة الحياة الدنيا.
وقوله - " ثم هو يوم القيامة من المحضرين " يعني من المحضرين للجزاء بالعقاب، لأنه تعالى ذكر من وعد وعدا حسنا، فدل ذلك على أهل الثواب ثم ذكر انه لا يستوي أهل الثواب وغيرهم، فدل على أهل العقاب، لبعد حال كل فريق من الفريقين عن الآخر. والاحضار إيجاد ما به يكون الشئ بحيث يشاهد، فلما كان هؤلاء القوم يوجدون يوم القيامة ما به يكرهون بحيث يشاهدهم الخلائق، كانوا محضرين. ثم قال " ويوم يناديهم " وتقديره: واذكر يوم ينادي الله الكفار، وهو يوم القيامة " فيقول " لهم على وجه التوبيخ لهم والتقريع " أين الذين " اتخذتموهم شركائي فعبدتموهم معي على قولكم وزعمكم والزعم القول في الامر عن ظن أو علم، ولذلك دخل في باب العلم، وأخواته قال الشاعر:
فان تزعميني كنت أجهل فيكم * فاني شريت الحلم بعدك بالجهل (1) ثم حكى ان " الذين حق عليهم القول " بالعقاب: من الشياطين والانس والذين أغووا الخلق من الانس يقولون في ذلك اليوم " ربنا هؤلاء " يعني من ضل بهم من الناس واتخذوا شركاء من دون الله هم " الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون " اي تبرأ بعضهم من بعض، وصاروا أعداء. ويقولون لم يكن الانس يعبدوننا. ثم حكى الله فقال " وقيل " لهم " ادعوا شركاءكم " الذين عبدتموهم من دون الله. ثم حكى انهم يدعونهم " فلا يستجيبون لهم ويرون العذاب لو أنهم كانوا يهتدون " وقيل في معناه قولان:

(1) الكتاب لسيبويه 1 / 61
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست