التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٦١
قرنا من قرن فأخبرناهم أنا أهلكنا قوم نوح بكذا، وقوم هود بكذا، وقوم صالح بكذا " لعلهم يتذكرون " فيخافوا أن ينزل بهم ما نزل بمن كان قبلهم.
واصل التوصيل من وصل الحبال بعضها بعض. ومنه قول الشاعر:
فقل لبني مروان ما بال ذمة * وحبل ضعيف ما يزال يوصل (1) والمعنى انا اتبعنا القرآن بعضه بعضا. وقيل: معناه فصلنا لهم القول.
وقوله " الذين آتيناهم الكتاب " يعني التوراة * (من قبله) * يعني من قبل القرآن وقد تقدم ذكره في قوله " فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ".
وقوله " هم به يؤمنون " أي هم بالقرآن يصدقون من قبل نزوله وبعد نزوله. ويحتمل أن تكون الكناية عن النبي صلى الله عليه وآله، وتقديره الذين آتيناهم الكتاب من قبل محمد هم بمحمد يؤمنون، لأنهم كانوا يجدون صفته في التوراة ثم قال * (وإذا يتلى عليهم) * يعني القرآن " قالوا آمنا به " أي صدقنا به " انه الحق من ربنا انا كنا " من قبل نزوله " مسلمين " به مستمسكين بما فيه.
ثم اخبر تعالى ان هؤلاء الذين وصفهم يعطيهم الله أجرهم اي ثوابهم على ما صبروا في جنب الله " مرتين " إحداهما - لفعلهم الطاعة، والثانية للصبر عليها لما يوجبه العقل من التمسك بها، والصبر حبس النفس عما تنازع إليه فيما لا يجوز أن يتخطأ إليه، ولذلك مدح الله الصابرين. والصبر على الحق مر إلا أنه يؤدي إلى الثواب الذي هو أحلى من الشهد، فهؤلاء صبروا على الامتناع من المعاصي، وعلى فعل الطاعات. وقيل: صبروا على الأذى في جنب الله.

(١) تفسير القرطبي ١٣ / 295 والطبري 20 / 51 مع اختلاف قليل في الرواية
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست