التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٧٣
والثاني - ان معناه أفلا تقبلون. ثم نبههم أيضا فقال * (أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا) * أي دائما * (إلى يوم القيامة) * بلا ليل تسكنون فيه، فإنهم لا يقدرون على الجواب عن ذلك إلا بما يدل على فساد معتقدهم، وهو انه لا يقدر على ذلك غير الله، فحينئذ تلزمهم الحجة بأنه لا يستحق العبادة سواه.
وقوله * (أفلا تبصرون) * معناه أفلا تتفكرون فيما ترونه، لان من لا يتدبر بما يراه من الحجج والبراهين فكأنه لم يرها. وقيل معناه ألا تعلمون ثم قال * (ومن رحمته) * أي من نعمه عليكم أن * (جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا) * في الليل * (ولتبتغوا من فضله) * بالنهار بالسعي فيه، ولكي تشكروا هذه النعم التي أنعم بها عليكم، والهاء في قوله * (لتسكنوا فيه) * يحتمل وجهين أحدهما - ان يعود إلى الليل خاصة، ويضمر مع الابتغاء هاء أخرى، الثاني - ان يعود الضمير اليهما إلا أنه وحد، لأنه يجري مجرى المصدر في قولهم: اقبالك وادبارك يؤذيني، والأول أصح، لان الليل للسكون فيه، والنهار للتصرف والحركة، ولكنه يحتمل ليكونوا في هذا على التصرف وفي ذاك على الهدوء وقطع التصرف، وإنما كان الفساد في إدامة النهار في دار التكليف، ولم يكن في دار النعيم، لان دار التكليف لابد فيها من التعب والنصب الذي يحتاج معه إلى الاستجمام والراحة، وليس كذلك دار النعيم، لأنه إنما يتصرف فيها بالملاذ. وقوله " أين شركائي الذين كنتم تزعمون " قد مضى تفسيره، وإنما كرر النداء ب‍ " أين شركائي الذين كنتم تزعمون " لان النداء الأول للتقرير بالاقرار على اليقين بالغي الذي كانوا عليه ودعوا إليه.
والثاني - للتعجيز عن إقامة البرهان لما طولبوا به بحضرة الاشهاد مع
(١٧٣)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست