التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٨٠
نصحي، لان الله تعالى لا يقبل الايمان عند نزول العذاب.
وقال بعض العلماء: ان قوم نوح كانوا يعتقدون أن ما هم عليه بإرادة الله لولا ذلك لغيره وأجبرهم على خلافه، فقال نوح على وجه الانكار عليهم والتعجب من قولهم: ان نصحي لا ينفعكم إن كان القول كما تقولون وتعتقدونه، حكى ذلك البخلي.
قوله تعالى:
أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا برئ مما تجرمون (35) آية.
معنى قوله " أم يقولون " اخبار من الله تعالى بأن هؤلاء الكفار الذين ليس يقبلون ما أتاهم به من عند الله يقولون: ليس هذا القرآن من عند الله بل افتراه وتخرصه وكذبه على الله، فمعنى (أم) في الآية (بل)، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لهم: إن افتريته، فعلي اجرامي. وقيل في معناه قولان: أحدهما - انه وعيد، بأني ان كنت افتريته فيما أخبرتكم به من الخبر عن نوح فعلي عقاب جرمي، وان كانت الأخرى فعليكم عقاب تكذيبي، وستعلمون صدق قولي وأينا الأحق. والثاني - أنه قال ذلك على وجه الاحتجاج بصحة امره بأن لا يتقول مثل هذا مع ما فيه من العذاب في الآخرة والعار في الدنيا مع أنه ذو أمانة وصيانة. وهو في خطاب محمد صلى الله عليه وآله.
وقوله " وانا برئ مما تجرمون " معناه ليس علي من اجرامكم ضرر وإنما ضرر ذلك عليكم فاعملوا بحسب ما يقتضيه العقل من التفكر في هذا المعنى.
والفرق بين افتراء الكذب وبين قول الكذب: ان قول الكذب قد يكون على وجه تقليد من الانسان لغيره، واما افتراؤه فهو افتعاله من قبل نفسه. ومعنى اجرام
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»
الفهرست