التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٧٨
يكون لها دون غيره إذ المشرك لم يحقق على شئ بعينه، وإذا دخلت (إنما) هذه على (اسم) كان الاسم مرفوعا، لان (ما) كافة للعامل، ولولا ذلك لما دخلت على الفعل، والاعجاز هو الفوت بالهرب. وفي الآية دلالة على أن المجادلة تقوم بها الحجة على مخالف الحق، لأنه لو لم تقم بها الحجة ما جادلهم نوح ولما قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله " وجادلهم بالتي هي أحسن " (1).
قوله تعالى ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون (34) آية هذه الآية عطف على قول نوح: إنما يأتيكم بالعذاب الله إن شاء ولستم تفوتونه، " ولا ينفعكم نصحي " ويحتمل قوله " يريد أن يغويكم " أمرين:
أحدهما - إن كان الله يريد أن يخيبكم من رحمته بأن يحرمكم ثوابه، ويعاقبكم لكفر كم به، ولا ينفعكم نصحي يقال: غوى يغوي غيا، ومنه قوله تعالى " فسوف يلقون غيا " (2) أي خيبة وعذابا وقال الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما (3) فلما كان الله قد خيب قوم نوح من رحمته وثوابه وجنته أعلم نبيه نوحا بذلك في قوله " لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " (4) وأنهم سيصيرون إلى خيبة وعذاب، أخبرهم الله بذلك على لسان نبيه، فقال " ولا ينفعكم نصحي " مع إتيانكم ما يوجب خيبتكم والعذاب الذي جره عليكم قبيح أفعالكم، ويريد الله إهلاككم وعقوبتكم على ذلك. وحكي عن طي انها تقول: أصبح فلان غاويا أي

(1) سورة 16 النحل آية 125 (2) سورة 19 مريم آية 59 (3) مر تخريجه في 2 / 312 (4) سورة 11 هود آية 36
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست