التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٧٧
قوله تعالى:
قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (32) آية في هذه الآية حكاية عما قال قوم نوح لنوح جوابا عما قاله لهم فيما تقدم " يا نوح قد جادلتنا " اي خاصمتنا وحاجتنا فأكثرت مجادلتنا، وروي فأكثرت جدلنا - والمعنى واحد، فلسنا نؤمن لك " فأتنا بما تعدنا " من العذاب " إن كنت من الصادقين " فيما تقوله على الله تعالى. وحقيقة المجادلة المقابلة بما يقبل الخصم من مذهبه بالحجة أو شبهه، وهو من الجدل لشدة الفتل، ويقال للصقر أجدل، لأنه أشد الطير. و (الاكثار) الزيادة على مقدار الكفاية. و " الاقلال " النقصان عن مقدار الكفاية. والفرق بين الجدال والحجاج: ان المطلوب بالحجاج ظهور الحجة، والمطلوب بالجدال الرجوع عن المذهب. والمراء مذموم لأنه مخاصمة في الحق بعد ظهور الحق كمري الضرع بعد دروره، وليس كذلك الجدال. وفي الآية دلالة على حسن الجدال في الدين، لأنه لو لم يكن حسنا لما استعمله نوح مع قومه، لان الأنبياء لا يفعلون إلا ما يحسن فعله.
قوله تعالى:
قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين (33) آية فأجابهم نوح عليه السلام عما قالوه فقال: إنما يأتي بالعذاب الله تعالى دون غيره يأتي به متى يشاء، ولستم تفوتونه هربا. ومعنى (إنما) اختصاص ما ذكر لمعنى دون غيره، تقول: إنما زيد كريم أي هو كريم دون غير. وإنما دخل (إنما) بمعنى الاختصاص بالمذكور دون غيره، لأنها لتحقيق المعنى: ومن تحقيقه أن
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»
الفهرست