التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٧١
والرزق العطاء الجاري يقال: رزق السلطان الجند، الا ان كل رزق، فالله رازق به، لأنه لو لم يطلقه على يد الانسان لم يجئ منه شئ. والواحد منا يرزق غيره إلا أنه لا يطلق اسم رازق إلا على الله، كما لا يقال: (رب) بالاطلاق إلا في الله وفي غيره يقيد.، فيقال رب الدار ورب الفرس. ويطلق فيه، لأنه يملك الجميع غير مملك، وكذلك هو تعالى رازق الجميع غير مرزوق، ولا يجوز أن يخلق الله حيوانا يريد تبقيته إلا ويرزقه، لأنه إذا أراد بقاءه فلا بدله من الغذاء، فإن لم يرد تبقيته كالذي يولد ميتا فإنه لا رزق له في الدنيا. وقوله " أم من يملك السمع والابصار " يعني من الذي له التصرف فيها بلا مانع يمنعه منها وان شاء أصحها وان شاء أمرضها. و " من يخرج الحي من الميت " معناه من الذي يخلق الحيوان ويخرجه من أمه حيا سويا إذا ماتت أمه " ويخرج الميت من الحي " يعني من يخرجه غير تام ولا بالغ حد الكمال. وقيل: معناه انه يخرج الحي من النطفة، وهي ميتة ويخرج النطفة من الحي. وقيل: يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
و " من يدبر الامر " اي ومن الذي يدبر جميع الأمور في السما والأرض؟
وليس جواب ذلك لمن انصف ولم يكابر الا ان يقول: الله الفاعل لجميع ذلك.
وإذا قالوا ذلك واعترفوا به قيل لهم " أفلا تتقون " ومعناه فهلا تتقون خلافه وتحذرون معاصيه؟ وفي الآية دلالة على التوحيد، لان ما ذكره في الآية يوجب أن المدبر واحد ولا يجوز أن يقع ذلك اتفاقا، لإحالة العقل ذلك، ولا يجوز أن يقع بالطبيعة، لأنها في حكم الموات لو كانت معقولة، فلم يبق بعد ذلك إلا أن الفاعل لذلك قادر عالم يدبره على ما يشاء، وهو الله تعالى، مع أن الطبيعة مدبرة - مفعولة - فكيف تكون هي المدبرة. وإنما دخلت (أم) على (من) لان (من) ليست أصل الاستفهام بل أصله الألف، فلذلك جاز الجمع بينهما.
(٣٧١)
مفاتيح البحث: الموت (2)، الجواز (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست