التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٧٦
يهدى أي لا هداية له، ولو هدي أيضا لم يهتد، غير أن اللفظ جرى عليه كما قلناه فيما تقدم. ومن شدد، فلان أصله يهتدي فأدغم التاء في الدال. ومن حرك الهاء القى حركة الحرف المدغم على الهاء لأنها من كلمة واحدة. ومن كسر الهاء لم يلق الحركة تشبيها بالمنفصل، وكسر الهاء لالتقاء الساكنين. ومن سكن الهاء جمع بين الساكنين. من أشم فلان الاشمام في حكم التحريك. ومن كسر الياء اتبع الياء ما بعدها من الكسر لان أصله يفتعل. وقال قوم: معنى " أم من لا يهدي إلا أن يهدى " لا يتحرك حتى يحرك.
أمر الله تعالى نبيه أن يقول أيضا لهؤلاء الكفار الذين اتخذوا مع الله شركاء في العبادة " هل من شركائكم " الذين تعبدونهم من دون الله أو تشركون بينهما في العبادة من يهدي غيره إلى الحق والى طريق الرشاد، ثم قال: قل يا محمد " الله يهدي للحق " وأفعال الخير، ثم قال " أفمن يهدي غيره إلى الحق " والى الصراط المستقيم أولى " أن يتبع " ويقبل قوله، " أم من لا يهدي إلا أن يهدى " أي إلا بعد أن يهدى وحكي عن البلخي أنه قال: هدى واهتدى بمعنى واحد.
وقوله " فمالكم كيف تحكمون " أي بما تدعونه من عبادة - من دون الله - فالهداية المعرفة بطريق الرشاد من الغي، فكل هداية قائدة إلى سلوك طريق النجاة بدلا من طريق الهلاك. وقال الزجاج " ما لكم " كلام تام، كأنه قال أي شئ لكم في عبادة الأوثان ثم قال لهم " كيف تحكمون؟! " على أي حال، فموضع (كيف) نصب ب‍ (تحكمون) ويقال هديته للحق والى الحق بمعنى واحد.
قوله تعالى:
وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون (36) آية.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست