قرأ أهل المدينة وابن عامر (كلمات) ههنا وفي آخرها، وفي المؤمن على الجمع. الباقون على التوحيد. قال أبو علي: من قرأ على التوحيد احتمل في ذلك وجهين:
أحدهما - أن يكون جعل ما أوعد به الفاسقين كلمة وإن كانت في الحقيقة كلمات، لأنهم قد يسمون القصيدة والخطبة كلمة، فكذلك ما ذكرناه.
والثاني - ان يريد بذلك الجنس وقد أوقع على بعض الجنس كما أوقع اسم الجنس على بعضه في قوله " وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل " (1) ومن جمع فإنه جعل الكلمات التي يوعدون بها كل واحدة منها كلمة ثم جمع، فقال: كلمات.
وأما قوله " كلمة الله هي العليا " (2) فيجوز أن يكون عنى بها قوله " كتب الله لأغلبن انا ورسلي " (3) كما فسر قوله " وألزمهم كلمة التقوى " (4) انه لا إله الا الله، ذكره مجاهد. والكاف في قوله كذلك في موضع نصب والتقدير مثل أفعالهم جازاهم ربك. وقيل في المشبه به " كذلك حقت كلمة ربك " قولان:
أحدهما - المعنى في أنه ليس بعد الحق الا الضلال فشبه به كلمة الحق بأنهم لا يؤمنون في الصحة.
الثاني - ما تقدم من العصيان شبه به الجزاء بكلمة العذاب في الوقوع على المقدار. وإنما أطلق في الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون، لأنه أريد به الذين تمردوا في كفرهم. و (انهم) في موضع نصب على قول الفراء والتقدير بأنهم أو لأنهم لا يؤمنون فقوله " انهم لا يؤمنون " بدل من كلمة ربك. فأعلم الله أنهم باعمالهم قد منعوا من الايمان، وجائز أن تكون الكلمة ما وعدوا به من العقاب. والفسق في الشرع هو الخروج في المعصية إلى الكبيرة فان كانت كفرا فالخروج إلى أكبره وكذلك ان كانت منع حق. وفائدة الآية الإبانة عن الحال التي لا يفلح صاحبها ليحذر من