حسبنا الله شاهدا بيننا وبينكم أيها المشركون بأنه تعالى عالم أنا ما علمنا ما تقولون، وأنا كنا عن عبادتكم إيانا غافلين، لا نشعر به ولا نعلمه. وإنما قال " شهيدا بيننا " ولم يقل علينا، لأنه إذا قال بيننا فمعناه لنا وعلينا، فهو أعم وأحسن. ونصب (شهيدا) على التمييز، وتقديره وكفى بالله من الشهداء. وقال الزجاج: نصب على الحال وتقديره كفى بالله في حال الشهادة. وقوله " إن كنا " فهذه (إن) المخففة عن الثقيلة بدلالة دخول اللام في الخبر للفرق بين (إن) الجحد و (إن) المؤكدة. وقال الزجاج: هي بمعنى (ما) ومعناه ما كنا عن عبادتكم إلا غافلين.
قوله تعالى:
هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون (30) آية.
قرأ أهل الكوفة الا عاصما (تتلوا) بالتاء من التلاوة. الباقون بالياء. من قرأ بالباء فمعناه تختبر من قوله " وبلوناهم بالحسنات والسيئات " (1) اي اختبرناهم، ومنه قولهم البلاء ثم الثناء أي الاختبار للثناء عليه ينبغي أن يكون قبل الثناء ليكون عن علم بما يوجبه. ومعنى اختبار النفس ما أسلفت إن قدم خيرا أو شرا جزي عليه.
كما قال " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " (2) وغير ذلك. ومن قرأ بالتاء فمن التلاوة. ويقوي ذلك قوله " فأولئك يقرؤن كتابهم " (3) وقوله " اقرأ كتابك " (4) وقوله " ورسلنا لديهم يكتبون " (5) ويكون (تتلو) بمعنى تتبع ويكون المعنى هنالك تتبع كل نفس ما أسلفت من