التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٤٣
قوله تعالى:
الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون (57) آية.
قال مجاهد: هذه الآية نزلت في بني قريظة، لما نقضت عهد النبي صلى الله عليه وآله في ألا يحاربوه ولا يمالؤا عليه، فنقضوا عهده، ومالؤا عليه، وعاونوا قريشا يوم الخندق، فانتقم الله منهم. والمعاهدة المعاقدة على أمر يتقدم فيه للوثيقة به بالايمان المؤكدة على ما يعقد عليه، ونقض العهد مثل نقض الوعد لأنه حق للمعاهد كما أن ذلك حق للموعود. ونقض العزم هو الرجوع عما عزم عما عزم عليه. والنقض يكون بشيئين: أحدهما - فيما كان من بناء وشبهه. الثاني - في عقد أو امر يعزم عليه.
وقوله تعالى " ثم ينقضون " عطف المستقبل على الماضي، لان الغرض ان من شأنهم نقض العهد مرة بعد أخرى في مستقبل أوقاتهم بعد العهد إليهم. وقوله " فهم لا يتقون " معناه نقضوا عهدك من غير أن يتقوا عقاب الله عاجلا وآجلا.
قوله تعالى:
فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون (58) آية معنى " تثقفن " تصادفن وتلقين. واصله الادراك بسرعة تقول ثقف الكلمة فهو ثقف، وثقفه إذا قومه وثاقفة مثاقفة إذا تدارك كل واحد منهما امر صاحبه بسرعة ودخلت نون التأكيد لما دخلت " ما " ولو لم تدخله لما حسن دخول النون، لان دخول " ما " كدخول القسم في أنه علامة تؤذن أنه من مواضع التأكيد المطلوب من التصديق، لان النون تدخل لتأكيد المطلوب فيما يدل على المطلب، وهي في
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست