وإنما نفى المبالغة في الظلم عنه تعالى دون نفي الظلم رأسا، لأنه جاء على جواب من أضاف إليه فعل جميع الظلم، ولان ما ينزل بالكفار لو لم يكن باستحقاق لكان ظلما عظيما، ولكان فاعله ظلاما.
قوله تعالى:
كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب (53) آية.
العامل في قوله: " كدأب آل فرعون " الابتداء وتقديره دأبهم كدأب آل فرعون، فموضعه رفع، لأنه خبر المبتدأ، كما تقول زيد خلفك، فموضع خلفك رفع بأنه خبر المبتدأ، ولفظه نصب بالاستقرار، فكذلك الكاف في " كدأب ". والدأب العادة والطريقة تقول ما ذلك دأبه ودينه وديدنه.
والمعنى انه جوزي هؤلاء بالقتل والأسر كما جوزي آل فرعون بالغرق.
وقال الزجاج الدأب إدامة الفعل دأب يدأب في كذا إذا دام عليه، ودأب يداب دأبا ودؤبا فهو دائب يفعل كذا اي يجري فيه على عادة. وقال خداش بن زهير العامري:
وما زال ذاك الدأب حتى تجادلت * هوازن وارفضت سليم وعامر (1) وآل فرعون المراد به اتباعه فيما دعاهم إليه من ربوبيته. سموا " آل " لان مرجع أمرهم إليه بسبب أكيد. والفرق بين " آل فلان " و " الأصحاب " ان الأصحاب مأخوذ من الصحبة لطلب علم أو غيره. كالأصحاب في السفر، وكثر في الموافقة على المذهب، كما يقولون أصحاب مالك وأصحاب الشافعي يراد به الموافقة في المذهب، لا يوصفون بأنهم آل الشافعي أو أبي حنيفة. والال يرجعون إليه بالسبب الأوكد الأقرب.