التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٤٨
نفسه محبة له لم يكن اعدادا وهو مما يعد فيما يحتاج إليه من غيره والاستطاعة معنى تنطاع بها الجوارح للفعل مع انتفاء المنع، تقول: استطاع استطاعة، وطاوع مطاوعة وأطاع طاعة، وتطوع تطوعا، وانطاع انطياعا. وقوله تعالى " من قوة " اي مما تقوون به على عدوه. وقيل: معناه من الرمي، ذكره الفراء. ورواه عن النبي صلى الله عليه وآله عقبة بن عامر، على ما ذكره الطبري. وقال عكرمة: أراد به الحصون.
وقوله تعالى: " ومن رباط الخيل " فالرباط شد أيسر من العقد. ربطه يربطه ربطا ورباطا وارتبطه ارتباطا ورابطه مرابطة.
وقوله " ترهبون به عدو الله وعدوكم " فالهاء في (به) راجعة إلى الرباط وذكره لأنه على لفظ الواحد وإن كان في معنى الجمع، لأنه كالجراب والقراب والذراع. والارهاب ازعاج النفس بالخوف تقول: أرهبه إرهابا ورهبه ترهيبا ورهب رهبة وترهب ترهبا واسترهبه استرهابا، وقال طفيل:
ويل أم حي دفعتم في نحورهم * بني كلاب غداة الرعب والرهب (1) والعدو المراصد بالمكاره لتعديتها إلى صاحبها والعدو ضد الولي.
وقوله " وآخرين من دونهم " لا تعلمونهم تقديره وترهبون آخرين، فهو نصب ب‍ (ترهبون) يجوز أن يكون نصبا بقوله: (وأعدوا لهم) وللآخرين من دونهم. وقيل في المعنيين بذلك خمسة أقوال: أحدها - قال مجاهد: هم بنو قريظة وقال السدي. هم أهل فارس. وقال الحسن وابن زيد: هم المنافقون. الرابع - الجن، وهو اختيار الطبري، قال: لان الاعداد للأعداء دخل فيه جميع المتظاهرين بالعداوة فلم يبق إلا من لا يشاهد. الخامس - قال الجبائي: كل من لا تعرفون عداوته داخل فيه. ومعنى " لا تعلمونهم " لا تعرفونهم فلذلك لم يكن معه المفعول الثاني.
وقوله: " الله يعلمهم " معناه يعرفهم كما قال الشاعر:

(١) ديوانه: ٦٥ ومجاز القرآن 1 / 249.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست