وقوله: " وذوقوا عذاب الحريق " تقديره، ويقولون يعني الملائكة للكفار يقولون لهم ذوقوا عذاب الحريق يوم القيامة وحذف لدلالة الكلام عليه. ومثله قوله " ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا " (1) أي يقولون ربنا أبصرنا، ودل الكلام عليه. والحريق تفريق الأجسام الكبيرة العظيمة بالنار العظيمة يقال: احترق احتراقا واحرق إحراقا وتحرق تحرقا وحرقه تحريقا، وجواب " لو " محذوف، وتقديره لرأيت منظرا هائلا وإنما حذف جواب " لو " لان ذكره يخص وجها ومع الحذف يظن وجوه كثيرة فهو أبلغ.
قوله تعالى:
ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (52) آية.
قوله " ذلك " إشارة من الملائكة للكفار إلى ما تقدم ذكره من قولهم " ذوقوا عذاب الحريق " قالوا ذلك العذاب " بما قدمت أيديكم " وموضع " بما قدمت أيديكم " يحتمل وجهين من الاعراب: أحدهما - الرفع بأنه خبر ذلك. والثاني - النصب بأنه متصل بمحذوف، وتقديره ذلك جزاؤكم " بما قدمت أيديكم " وإنما قيل بما قدمت أيديكم مع أن اليد لا تعمل شيئا لتبين أنه بمنزلة ما يعمل باليد في الجناية، ولذلك لم يذكر القلوب، وإن كان بها معتمد العصيان، لأنه قصد إظهار ما يقع به الجنايات في غالب الامر وتعارف الناس. والتقديم ترتيب الشئ أولاء قبل غيره:
قدمه تقديما وتقدم تقدما واستقدم استقداما وتقادم عهده تقادما واقدم على الامر إقداما.
وقوله: " ان الله ليس بظلام للعبيد " العامل في " ان " يحتمل شيئين:
أحدهما - أن يكون موضعه نصبا بتقدير وبأن الله أو خفضا على الخلاف فيه.
والثاني - أن يكون رفعا بمعنى وذلك أن الله كما تقول ذلك هذا.