الجعل إلى نفسه، لأنه الذي شبه أحدهما بالاخر وذلك سائغ في اللغة كما يقول القائل لغيره - إذا أثنى على إنسان وذكر فضائله ومناقبه - جعلته فاضلا خيرا عدلا، وإن كان لم يفعل به ذلك. وبالعكس من ذلك إذا ذكر مقابحه ومخازيه وفسقه يحسن أن يقال له: جعلته فاسقا شريرا، وان لم يفعل في الحالين شيئا من ذلك وكل ذلك مجاز. ومنه قولهم: جعل القاضي فلانا عدلا وجعله ثقة وجعله ساقطا فاسقا، كل ذلك يراد به الحكم عليه بذلك والإبانة عن حاله كما قال الشاعر.
جعلتني باخلا كلاب ورب معنى * اني لاسمح كفا منك في اللزب (1) أي سمتني باخلا. وقوله " ومنهم من يستمع إليك.. " فكنى عنها بلفظ الواحد حملا له على اللفظ، فلما قال " وجعلنا على قلوبهم أكنة " رده إلى المعنى فعامله معاملة الجمع، لان لفظة (من) تقع على الواحد وعلى الجمع حقيقة.
قوله تعالى:
وهم ينهون عنه وينؤون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون (26) آية بلا خلاف.
وقوله " وهم " كناية عن الكفار الذين تقدم ذكرهم عند أكثر المفسرين:
الجبائي والبلخي وغيرهم. وقال قوم: نزلت في أبي لهب، لأنه كان يتبعه في المواسم فينهى الناس عن أذاه وينأى عن اتباعه. والأول أشبه بسياق الآية.
وقيل: نزلت في أبي طالب، وهذا باطل عندنا، لأنه دل الدليل على إيمانه بما ثبت عنه من شعره المعروف وأقاويله المشهورة الدالة على اعترافه بالنبي صلى الله عليه وآله.
وقال مجاهد: نزلت في قريش.