قد وقفت على ما عند فلان، أي فهمته وتبينته. قال الكسائي: يقال: وقفت الدابة وغيرها إذا حبستها - بغير ألف وهي لغة القرآن، وهو الأفصح، وكذلك وقفت الأرض إذا جعلتها صدقة. وقال أبو عمرو ما سمعت أحدا من العرب يقول: أوقفت الشئ بالألف الا أني لو رأيت رجلا بمكان، فقيل له ما أوقفك هاهنا لرأيته حسنا.
وأستدل أبو علي بهذه الآية على أن القدرة قبل الفعل خلافا للمجبرة بأن قال تمنوا الرد إلى دار الدنيا إلى مثل الحالة التي كانوا عليها، ولا يجوز من عاقل أن يتمنى أن يرد إلى الدنيا ويخلق فيه القدرة الموجبة للكفر، لان ذلك لا يخلصه من العذاب بل يؤديه إلى حالته التي كان عليها. وهذا ضعيف، لان لقائل أن يقول: إنهم تمنوا الرد ورفع التكذيب وحصول الايمان بأن تحصل لهم قدرة الايمان، ولا تحصل لهم قدرة التكذيب، وليس في الآية أنهم سألوا الرد إلى الحالة التي كانوا عليها، فلا متعلق في ذلك. واستدل أيضا على أنه إذا كان المعلوم من حال الكافر أنه يؤمن وجب تبقيته بأن قال: أخبر الله أنه إنما لم يردهم لأنهم " لوردوا لعادوا لما نهوا عنه " وظاهر ذلك يقتضى أنه لو علم أنه لو ردهم لامنوا، لوجب أن يردهم، وإذا وجب أن يردهم إذا علم أنهم يؤمنون بأن يجب تبقيتهم إذا علم أنهم يؤمنون أولى. وهذا أيضا ضعيف.
لأن الظاهر أفاد أنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وليس فيه أنهم لو ردوا لامنوا أو ما حكمهم بل هو موقوف على الدلالة، لأنه دليل الخطاب على أن غاية ما فيه أنه يفيد أنه لو علم من حالهم أنه متى ردهم آمنوا يردهم، فمن أين أن ذلك واجب عليه؟! وهل هذا الا كقوله " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " في أنه لا خلاف بين أهل العدل أنه كان يجوز له أن يعذب وان لم يبعث رسولا بأن لا تقتضي المصلحة بعثته ويقتصر بهم على التكليف العقلي، فإنهم متى عصوا كان له أن يعذبهم فلا شبهة في الآية.
قوله تعالى:
بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا