وافقهم ابن عامر في " ونكون " الباقون بالرفع فيهما، فمن قرأ بالرفع احتملت قراءته أمرين:
أحدهما - أن يكون معطوفا على نرد، فيكون قوله: " نرد ولا نكذب .. ونكون " داخلا في التمني ويكون قد تمني الرد وألا يكذب وأن يكون من المؤمنين، وهو اختيار البلخي والجبائي والزجاج.
والثاني - أن يكون مقطوعا عن الأول، ويكون تقديره يا ليتنا نرد ولا نكذب كما يقول القائل: دعني ولا أعود، أي فاني ممن لا يعود، فإنما يسألك الترك، وقد أوجب على نفسه ألا يعود ترك أو لم يترك. ولم يقصد أن يسأل أن يجمع له الترك وأن لا يعود. وهذا الوجه الذي اختاره أبو عمرو في قراءة جميع ذلك بالرفع، فالأول الذي هو الرد داخل في التمني وما بعده على نحو دعني، ولا أعود، فيكونون قد أخبروا على النيات أن لا يكذبوا ويكونوا من المؤمنين.
واستدل أبو عمرو على خروجه من المتمني بقوله " وإنهم لكاذبون " فقال ذلك يدل على أنهم أخبروا بذلك عن أنفسهم، ولم يتمنوا، لان التمني لا يقع فيه الكذب وإنما يقع في الخبر دون التمني.
ومن نصب " نكذب.. ونكون " أدخلهما في التمني، لان التمني غير موجب، فهو كالاستفهام والأمر والنهي والعرض، في انتصاب ما بعد ذلك كله من الافعال إذا دخلت عليها الفاء أو الواو على تقدير ذكر المصدر من الفعل الأول، كأنه قال: يا ليتنا يكون لنا رد، وانتفاء للتكذيب وكون من المؤمنين.
ومن نصب " ونكون " فحسب، ورفع " نرد ولا نكذب " يحتمل أيضا وجهين:
أحدهما - أن يكون داخلا في التمني، فيكون في المعنى كالنصب.
والثاني - انه يخبر على النيات أن لا يكذب رد أولم يرد.