الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (20) آية بلا خلاف.
" الذين آتيناهم الكتاب " رفع بالابتداء. وقوله " يعرفونه " خبر.
وقوله " الذين خسروا أنفسهم " أيضا رفع، ويحتمل رفعه وجهين:
أحدهما - أن يكون نعتا ل (الذين) الأولى - ويحتمل أن يكون رفعا على الابتداء وخبره " فهم لا يؤمنون. فان حملته على النعت كان المعني به أهل الكتاب وان حملته على الابتداء يتناول جميع الكفار.
وقال بعض المفسرين: ما من كافر الا وله منزلة في الجنة وأزواج فان أسلم وسعد صار إلى منزله وأزواجه، وان كفر صار منزله وأزواجه إلى من أسلم، فذلك قوله " الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " (1) وقوله:
" الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة " وهذه الآية لابد أن تكون مخصوصة بجماعة من أهل الكتاب، وهم الذين عرفوا التوراة والإنجيل فعرفوا صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله بما كانوا عرفوه من صفاته المذكورة، ودلائله الموجودة في هذين الكتابين كما عرفوا أبناءهم في أنها صحيحة لا مرية فيها ولم يرد أنهم عرفوا بنبوته اضطرارا، كما عرفوا أبناءهم ضرورة على أن أحدا لا يعرف أن من ولد على فراشه ابنه على الحقيقة، لأنه يجوز أن يكون من غيره، وان حكم بأنه ولده لكونه مولودا على فراشه، فصار معرفتهم بالنبي صلى الله عليه وآله آكد من معرفتهم بأبنائهم لهذا المعنى. ولم يكن جميع أهل الكتاب كذلك، فلذلك خصصنا الآية.
فان قيل: كيف يصح - على مذهبكم في الموافاة - ان يكونوا عارفين بالله، وبنبيه ثم يموتون على الكفر؟!
قلنا عنه جوابان:
أحدهما - ان لا يكونوا عارفين بذلك بل يكونوا معتقدين اعتقاد تقليد،